المرصاد نت - متابعات
يحيي السوريون والمصريون اليوم ذكرى حرب تشرين التحريرية في عام 1973 م بالتزامن مع الانتصارات التي يحققها الجيش العربي السوري في حربه على التنظيمات الإرهابية المدعومة من قوى الاستعمار الجديد والأنظمة العميلة والكيان الصهيوني الغاصب.
وفي هذا السياق أكد وزير الدفاع السوري العماد علي عبد الله أيوب "أن حرب تشرين التحريرية مأثرة عربية خالدة وصفحة مشرقة في تاريخ العرب الحديث وشكلت نقطة انعطاف وتحولا نوعيا في تاريخ الصراع العربي الصهيوني وأرست معادلات جديدة ورسخت حقائق موضوعية أهمها قدرة المقاتل العربي على تحقيق الانتصار وانتزاع حقه مهما بلغت التضحيات".
وأشار العماد أيوب بمناسبة الذكرى السادسة والأربعين لحرب تشرين إلى أنها "الأولى في تاريخ الصراع العربي الصهيوني من حيث القرار والتخطيط والإعداد ولا تقاس نتائجها بالنجاحات الجغرافية والعسكرية والمكاسب السياسية والمعنوية التي حققتها فقط بقدر ما تقاس بالتحولات الكبرى التي أحدثتها في طرائق التفكير وفي مقدمتها كسر جدار اليأس الذي كان قائما بعد حرب حزيران 1967 وإحياء الأمل في النفوس واستعادة الكرامة الوطنية".
وأضاف العماد أيوب إن "روح تشرين ومعانيها ودلالاتها لا تزال ماثلة في ضمائر السوريين والشرفاء من أبناء أمتنا العربية وستبقى معاني تشرين التحرير شعلة متقدة تنير لنا الطريق وتذكي روح المقاومة في الضمائر وهذا ما تجسد بوضوح في الصمود الكبير الذي نعيشه في مواجهة أقذر حرب عرفتها البشرية وقد استطاعت سورية شعبا وجيشا وقيادة أن تقدم الأنموذج الأبهى لمواجهة قوى الإرهاب والبغي والعدوان، لقد أثبتنا للعالم أجمع أن وطنا بحجم سورية لا تكسره المحن ولا تنال منه الخطوب مهما اشتدت وتعاظمت بل قادر على صنع الانتصار بإرادة أبنائه وصمودهم وتضحياتهم".
يحتفل أحفاد اليوم ويفاخرون بالأجداد والأبطال الذين حققوا فخار نصر أكتوبر ١٩٧٣.. 46 عاماً مضت على انتصار الجيش السوري والمصري في معركته مع جيش الاحتلال الإسرائيلي وهي المعركة التي وصفها العدو نفسه بأنها كانت فاجعة كبرى بالنسبة له إذ كتبت رئيسة وزراء دولة الاحتلال السابقة غولدا مائير في بداية حديثها في كتابها "حياتي" تقول: "ليس أشق على نفسي من الكتابة عن حرب أكتوبر 1973 (حرب يوم كيبور)". "ولن أكتب عن الحرب - من الناحية العسكرية - فهذا أمر أتركه للآخرين.. ولكنني سأكتب عنها ككارثة ساحقة وكابوس عشته بنفسي.. وسيظل معي باقيًا على الدوام".
وكتب الرئيس المصري الأسبق وأول رئيس تولى حكم مصر بعد ثورة 1952 محمد نجيب والذي قاد حركة الضباط الأحرار التي قامت بإزاحة الحكم الملكي في مصر في مذكراته والتي نشرت الطبعة الأولى منها عام 1984م تحت اسم "كنت رئيساً لمصر" في معرض حديثه عن حرب فلسطين التي نشبت عام 1948 بين العرب والكيان الإسرائيلي والتي كان أحد المشاركين فيها كقائد للكتيبة الثانية مدافع ماكينات - برتبة مقدم - في العريش بسيناء: "عندما قامت هذه الحرب كنت معارضاً لها من الرصاصة الأولى فلم يكن هناك شيء يمكن أن نكسبه من ورائها بل بالعكس كان هناك الكثير مما سوف نخسره بسبب ضعف قوتنا العسكرية. لقد كان من الأفضل لنا أن نخوض حرباً من حروب العصابات مع بقية فصائل المقاومة العربية.. فهذه الطريقة كانت ستمنع تشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين. صحيح أنه لن يكون بمقدورنا مع حرب العصابات أن نكسب الجولة ولكن على الأقل لم نكن لننهزم هذه الهزيمة الساخنة".
وحاول الرئيس نجيب أن يُظهر عقيدة الجيش المصري وجنوده نحو العدو الإسرائيلي في تلك الفترة، حيث أكمل كلامه "في بداية عام 1948م وقبل أن ندخل الحرب رسمياً كنت برتبة مقدم وقائد الكتيبة الثانية مدافع ماكينات بالعريش.. في سيناء. وفي يوم جاءني الأمر بتشكيل فصيلة من المتطوعين للخدمة مع الفدائيين العرب في فلسطين.. وقمت باستعراض الفصيلة، وأمرت من يرغب في الانضمام للفدائيين والتطوع للقتال معهم أن يتقدم أربع خطوات إلى الأمام.. واستجاب الكل ما عدا واحداً. كان من أصل ألباني.. وعندما وجد هذا الألباني كيف ألقي زملاؤه تحت قدميّ تعبيراً عن الجميل لإتاحة هذه الفرصة لهم، اقتنع وانضم إليهم. وأبلغت القاهرة أن الكتيبة التي بها 35 ضابطا و817 جندياً، قد تطوعت بأكملها لهذه المهمة. ورقيت بعد ذلك إلى رتبة عقيد".
من خلال هذه الكلمات التي ذكرها نجيب في مذكراته تبين كيف كانت نظرة الجيش المصري إلى الكيان الإسرائيلي في تلك الفترة كونه عدواً محتلاً ومدى حرص الجنود والضباط على الانضمام إلى الفدائيين العرب لمواجهة المحتليين الإسرائيليين في الداخل الفلسطيني وبينت أيضا تلك الكلمات حرص قيادة الجيش المصري على الدفاع عن فلسطين ومواجهة العدو الإسرائيلي كونه عدواً محتلاً عندما أعطت الأوامر للتشكيلات والوحدات العسكرية بتشكيل فصائل للخدمة مع الفدائيين العرب في فلسطين وأمرت بترقية قادة تلك الكتائب التي شاركت في حرب العرب ضد فلسطين.
المشير محمد عبد الغني الجمسي كان رئيس هيئة العمليات في حرب 73 ثم عُين وزيراً للحربية “الدفاع حالياً” خلفاً للمشير أحمد إسماعيل بعد وفاته عام 1974م وشغل هذا المنصب إلى عام 1978 وبعدها عين مستشاراً عسكرياً لرئيس الجمهورية “السادات” وتقاعد من الخدمة من ذلك المنصب عام 1980م إلى أن وافته المنية يوم 7 يونيو 2003 عن عمر يناهز 82 عاماً وشهد المشير الجمسي حرب 1948 في فلسطين وشارك في الحربين التي وقعتا بين مصر والكيان الإسرائيلي في عهد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر عامي 1956م و1967م.
وكتب المشير الجمسي الذي خدم في القوات المسلحة لمدة 39 عاماً مذكراته ونشرت بعد وفاة الرئيس محمد أنور السادات وتحديداً عام 1989م وأختار لها أسم “خواطر مقاتل أسهم في حرب أكتوبر 1973”. أظهرت تلك المذكرات عقيدة الجيش المصري في ذلك الوقت ونظرته المستقبلية إلى الكيان الإسرائيلي حيث جاء في مذكرات الجمسي عند كلامه عن العدو الإسرائيلي في بداية مذكراته: “خمسة أعوام مضت من أكتوبر 1973م حتى أكتوبر 1978م وقعت فيها أحداث جسام تركت أثرها على مصر والوطن العربي وما زالت تؤثر فيه. ففي يوم 6 أكتوبر 1973م كنت في مركز عمليات القوات المسلحة أرتدي لبس الميدان حيث بدأت الحرب الرابعة بين العرب والكيان الإسرائيلي وكنت أقوم بعملي فيها رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة. هذه الحرب التي اشتركت فيها امتدادا لحروب سابقة في الصراع العربي الإسرائيلي”.
وتابع المشير الجمسي "قام الرئيس الراحل أنور السادات بزيارة القدس في أواخر عام 1977م التي أطلق عليها “مبادرة السلام” وبعد مفاوضات سياسية وعسكرية بين مصر والكيان الإسرائيلي وصلت إلى طريق مسدود وقّع الرئيس السادات “اتفاقية كامب ديفيد” في الولايات المتحدة الأميركية في سبتمبر من العام التالي 1978م وكان رأي الرئيس السادات كما أبداه لي بعد أسبوعين من توقيع هذه الاتفاقية أن مصر تمر بمرحلة جديدة تتطلب تغييراً شاملاً في مؤسسات وأجهزة الدولة. ولذلك قرر تغيير الوزارة حينئذ – وزارة ممدوح سالم التي كنت نائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزير الحربية فيها – بوزارة أخرى واختيار رئيس جديد لمجلس الشعب، وتغيير القيادة العسكرية – القائد العام ورئيس أركان حرب القوات المسلحة وإطلاق اسم وزارة الدفاع على وزارة الحربية. كما تتطلب المرحلة الجديدة إجراء مفاوضات مع العدو الإسرائيلي لوضع اتفاقية كامب ديفيد موضع التنفيذ في صورة معاهدة سلام بين مصر والعدو الإسرائيلي”.
وبقراءة تلك السطور نرى أن اتفاقية كامب ديفيد فرضت على الرئيس السادات تغيير القادة العسكريين التي أدارت حرب أكتوبر والمجيء بقيادات أخرى حتى لا تكون لديهم تلك النظرة الاستراتيجية نحو الكيان الإسرائيلي التي يراه قادة حرب أكتوبر بأنه عدو استراتيجي للعرب ككل ويصنفون حالة الصراع على أنه صراع عربي إسرائيلي. وقد فرض الكيان الإسرائيلي أيضاً تغيير اسم الوزارة التي يتبع لها الجيش المصري من اسم يعبّر عن أنها وزارة حرب كون هذا الاسم ضد عملية السلام وتحويل اسمها إلى وزارة الدفاع.
وأوضح وزير الدفاع في بداية عصر مبارك المشير أبو غزالة بشكل دقيق نظرته وعقيدته نحو الكيان الصهيوني والذي وصفه بأنه خطر يهدد الأمة العربية ككل ليس دولة من دون الأخرى وما أشبه الليلة بالبارحة فبدل العمل من قبل القيادات العربية الحالية على تضافر جهودهم لمقاومة ذلك الخطر الصهيوني والاستفادة من سلبيات الحروب السابقة مع الكيان الإسرائيلي تقوم بالتشرذم والاختلاف فيما بينها بل وصل الحد إلى مقاطعة وحصار بعض الدول العربية من قبل دول عربية أخرى بسبب الاختلاف في وجهات النظر. والمستفيد الأول والأخير من ذلك هو العدو الإسرائيلي حيث يسير هوا في مخططه لتحقيق هدفه في إقامة دولة “إسرائيل الكبرى” والتي لن يتخلى عن تحقيقه.
بعد كل هذه السنين يكرر المصريون سؤالاً: "هل شكّل نصر أكتوبر المجيد دفعة للدولة المصرية للتقدم والبناء؟" لقد مرت العقيدة العسكرية المصرية بتحولات عدة بعد حرب أكتوبر وخاصة بعد اتفاقية كامب ديفيد حيث خاضت مصر خلال العقود السبعة الماضية (1948 ـ 2019) أربعة حروب ضد الكيان الإسرائيلي كانت الحرب الأولى عام 1948م عندما شاركت مصر في حرب فلسطين؛ وكانت الحرب الثانية عام 1956 فيما يعرف باسم "العدوان الثلاثي على مصر" حيث شاركت كل من فرنسا وبريطانيا في الحرب إلى جانب العدو الإسرائيلي. وكانت الحرب الثالثة عام 1967م؛ وبعد ست سنوات قامت الحرب الرابعة عام 1973م.
وأدت تلك الحروب في نهاية المطاف إلى لجوء مصر وكيان الاحتلال الإسرائيلي إلى طاولة المفاوضات التي تمخضت عنها اتفاقية كامب ديفيد والتي وقع عليها الرئيس الأسبق أنور السادات عام 1979 مع الكيان الإسرائيلي برعاية أميركية؛ التي على أثرها علقت الدول العربية في ذلك الوقت عضوية مصر في الجامعة العربية لتوقيعها تلك الاتفاقية وتم نقل مقر الجامعة العربية إلى تونس وتولى التونسي الشاذلي القليبي منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية.
ورأى البعض أنه بتوقيع مصر لتلك الاتفاقية حدث "تغيير" في العقيدة العسكرية للجيش المصري تغير فيه وضع الكيان الإسرائيلي كعدو استراتيجي للدولة المصرية وأن تصريحات الرئيس السادات بأن "حرب أكتوبر هي آخر الحروب بين مصر والعدو الإسرائيلي" وأن السلام "خيار استراتيجي" وأن الحل الأوحد للمشكلة العربية مع الكيان الإسرائيلي هو "السلام الشامل والعادل في المنطقة" أصبحت شعار وعقيدة الجيش المصري.
المزيد في هذا القسم:
- السيد حسن نصر الله : شُن على اليمن حرب شعواء باسم الدين لكنه لم يتخلى عن قضيته وخرج اليوم... المرصاد نت - متابعات قال السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله اللبناني اليوم الجمعة أنه في اليمن يشن عليه حرب شعواء على مدى سنة ونصف وللأسف باسم الإسلام وأحيا...
- بوتين يجدد استعداد موسكو التعاون الدولي الوثيق في محاربة “الإرهاب” المرصاد نت - متابعات جدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استعداد موسكو للتعاون الدولي الوثيق بمختلف الصيغ في مجال محاربة ما يسمى الإرهاب.جاء ذلك في رسالة وجهه...
- الإمارات تحتضن أكبر القواعد الأمريكية وطائرات تجسس وسفن حربية كبيرة المرصاد نت - متابعات اعترفت القوات الجوية الأمريكية لأول مرة خلال العشر السنوات السابقة بتواجدها العلني في قاعدة "الظفرة" الجوية التابعة للقوات الإماراتية وال...
- توقيع مذكرة تفاهم بين السعودية و اسرائيل في مجال الأنظمة الصاروخية و الرادارية المرصاد نت - متابعات كشفت وثيقة سربتها زعيمة حزب إسرائيلي عن توقيع مذكرة تفاهم بين نظام الكيان السعودي و الكيان الصهيوني في مجال نصب الأنظمة المتطورة للصوا...
- التهديد الأميركي لإيران انتقام من انتصار محور المقاومة المرصاد نت - متابعات إثنا عشر عاماً مضت منذ انتصار المقاومة الإسلامية في لبنان على العدوان الصهيوني الأميركي الذي امتد 33 يوماً (12 تموز/ يوليو عام – 14...
- ليبيا: الإفراج عن سيف الإسلام القذّافي المرصاد نت - متابعات أعلنت كتيبة أبي بكر الصديق التابعة للقيادة العامة لـ"الجيش الوطني الليبي" الإفراج عن سيف الإسلام القذافي النجل الأكبر للزعيم الليبي الراحل...
- داعش يتبنّى الهجوم على المستشفى العسكري في كابول المرصاد نت - متابعات أعلن تنظيم داعش الإرهابي مسؤوليته عن الهجوم الذي استهدف صباح اليوم أكبر مستشفى عسكري في أفغانستان فيما أكد المتحدث باسم الداخلية...
- السجون السعودية تغص بمعتقلي الرأي وحملة القمع متواصلة المرصاد نت - متابعات واصل النظام السعودي حملة الاعتقالات الواسعة في صفوف القضاة والدعاة ورجال الدين والمفكرين في اطار مساعي المملكة للتخلص من أي صوت معارض. ...
- كوريا الشمالية تبدأ بتفكيك بعض المنشآت النووية المرصاد نت - متابعات بدأت كوريا الشمالية بتفكيك بعض المنشآت في محطة رئيسية لإطلاق الأقمار الصناعية تعتبر منطقة تجارب لصواريخها الباليستية العابرة للقارات وفقا...
- الأسباب التي سمحت للسعودية بلعب دور يفوق حجمها الطبيعي رغم فشلها المرصاد نت - متابعات تعتمد الدول كما الأفراد على عنصرين رئيسيين في سبيل تحقيق الأهداف المتوخّاة الأول ظاهر والآخر خفي ورغم أن القدرات الصلبة لهذه الدول ...