عبد المهدي يحذّر من «صدام خطير»: لن نكتفي بالدفاع!

المرصاد نت - متابعات

في موقف تصعيدي يعكس رؤية بغداد للأزمة المستمرة منذ الـ1 من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بُعيد انطلاق التحرّكات المطلبية أقرّ رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي بـ«وقوع أخطاء Aliraq2019.11.28في ملف حقوق الإنسان» لكنه أشار إلى أن ثمة «اعتداءً وقع على النظام العام خلال الاحتجاجات المستمرة منذ أسابيع»، مشدّداً على أن «الدولة لا يمكنها أن تقف مكتوفة الأيدي وإلا فإن النظام سينهار وإذا انهار النظام العام فهذه خسارة للجميع لأنه سيؤدي إلى صدام أهلي خطير». وعزّز عبد المهدي «دفاعاته» قائلاً إن «الدولة تواجه ضغطاً شديداً وإنها في حالة الدفاع عن النفس ومن واجبها حماية النظام العام والمواطنين على حدّ سواء» مؤكداً أن «السلطات مصمّمة على فرض القانون في مواجهة التظاهر غير السلمي بالتوازي مع حماية حق التظاهر السلمي وحقوق المواطنين في الحياة والعمل والدراسة، وتأمين الممتلكات الخاصة والعامة واتخاذ الإجراءات القانونية لضمان استمرار عمل مؤسسات الدولة ومصالح المواطنين».

ولفت عبد المهدي خلال اجتماع مجلس الوزراء إلى أنه يمكن «تعديل العديد من القوانين التي يطالب المتظاهرون بتعديلها» على أن يكون ذلك «وفق القانون وبطريقة سلمية»، في تلميحٍ إلى ضرورة إرساء الاستقرار الأمني لتحقيق إصلاحات سياسية. وفي هذا الإطار تربط مصادر حكومية ونيابية انطلاق عجلة الإصلاح بعودة الهدوء إلى الشارع الذي بدا خلال الساعات الماضية وكأنه ينحو باتجاه تصعيد خطير في مدينتَي النجف وكربلاء في ما فُسّر على أنه محاولةٌ للضغط على «المرجعية الدينية العليا» (آية الله علي السيستاني) للخروج بموقف «قاسٍ» من الحكومة والقوى السياسية يوم غد.

ووفق معلومات التي سبق وأن أشارت إلى أن الحكومة قد هيّأت نفسها لـ«موجة جديدة من المواجهات» فإن اختيار المدينتين جاء لخصوصيتهما لدى «المرجعية» التي ترفض أن «تطاولهما أيّ نار». وعليه فإن ما حصل من قطع طرق وإغلاق جسور ومواجهات عنيفة بين القوات الأمنية و«عصابات إجرامية» بحسب مصادر أمنية هدفه دفع «المرجعية» إلى اتخاذ موقف مغاير للموقف السابق الذي منحت بموجبه الحكومة والقوى «فرصةً لإثبات جدّيتها في تحقيق الإصلاحات» وأوّلها إقرار قانون انتخابات عادل، وتغيير «المفوضية العليا للانتخابات».

على خطّ موازٍ بدا لافتاً أمس اقتحام المتظاهرين القنصلية الإيرانية في النجف (غادرت البعثة الدبلوماسية المقرّ قبل دقائق من اقتحامه ومن ثم إحراقه) في ظلّ مواجهات عنيفة بينهم وبين القوات الأمنية في وقت قالت فيه «وكالة الصحافة الفرنسية» إن «المحتجين واصلوا إغلاق عدد كبير من الطرقات وسط مدينة كربلاء وعند مداخلها». هذا المشهد الدموي انسحب أيضاً على العاصمة بغداد ومدن جنوبية أخرى، بالتزامن مع تعطيل أصاب الكثير من المرافق العامة جرّاء إغلاق الطرقات واستمرار الاعتصامات. وفي الديوانية، الواقعة جنوب كربلاء أُغلقت الدوائر الحكومية والمدارس في حين قطع متظاهرون أغلب الطرق بإطارات مشتعلة لمنع الموظفين من الوصول إلى مقارّ أعمالهم، وانسحبت قوات الأمن لتجنب المواجهة مع المحتجين.

كما أُغلقت الدوائر الحكومية والمدارس في مدن الكوت والحلة والنجف. كذلك تواصلت الاحتجاجات في البصرة والناصرية حيث تقع حقول رئيسة للنفط إذ اعتصم متظاهرون عند شركة نفط ذي قار الحكومية شرق الناصرية فيما أفاد مسؤولون في البصرة، وكالة «أسوشيتد برس» بأن استمرار إغلاق الطريق المؤدي إلى ميناء أمّ قصر التجاري على رغم تدخل قوات الأمن لإبعاد المتظاهرين عن بوّابته تسبّب بتعطيل التجارة عبره بنسبة 50%.

التعديل الحكومي: 14 وزيراً على اللائحة
مع دخول الحراك المطلبي في العراق شهره الثالث، يواصل قادة العملية السياسية محاولتهم احتواء الأزمة عبر تصدير حزم إصلاحية، توازياً مع السعي إلى إجراء تعديل وزاري يرى رئيس الوزراء عادل عبد المهدي و«صقور» الكتل والتحالفات أنه قد يكون له وقع إيجابي على الشارع، وخصوصاً أنه ربما يترافق مع إحالة ملفات الوزراء الفاسدين والمقصّرين وحاشياتهم إلى القضاء. في 10 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بعث عبد المهدي إلى مجلس النواب بأول قائمة تتضمن تغيير 3 وزراء وهم: وزراء الاتصالات والصناعة والهجرة والمهجرين غير أن تلك القائمة جوبهت بالرفض لأسباب عدة أبرزها «غياب القناعة باقتصار التغيير على هؤلاء» دون سواهم. في أعقاب ذلك، عقدت القوى السياسية نحو 5 اجتماعات متفرّقة في منزلَي رئيس «تحالف الفتح» هادي العامري، وزعيم «تيار الحكمة» عمار الحكيم، تمخّضت عن التوقيع على «وثيقة الشرف السياسي»، والتي ضمّت أكثر من 20 بنداً أبرزها منح عبد المهدي مدة زمنية لتنفيذ إصلاحاته وإجراء تعديل وزاري يطاول أكثر من 10 وزراء. وبحسب مصادر حكومية فإن عبد المهدي يسعى إلى تغيير 14 وزيراً ضمن أولى حملاته في «تصحيح النظام السياسي المتفق عليه في وثيقة الشرف وتلبيةً لمطالب المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف (آية الله علي السيستاني)». وأوضحت المصادر أن الوزراء المشمولين بالتعديل المرتقب هم:

1- وزير الصناعة صالح الجبوري
2- وزير الاتصالات نعيم الربيعي
3- وزير الكهرباء لؤي الخطيب
4- وزير النقل والمواصلات عبد الله لعيبي
5- وزير الزراعة صالح الحسني
6- وزير الشباب والرياضة أحمد رياض العبيدي
7- وزير التجارة محمد هاشم العاني
8- وزير الهجرة والمهجرين نوفل بهاء موسى
9- وزيرة التربية سها العلي بك

وفيما تدفع بعض الكتل السياسية في اتجاه جعل 3 وزارات سيادية (يتردّد أنها الداخلية والدفاع والنفط) مشمولةً بالتعديل الوزاري تسعى القوى الكردية إلى استثناء وزرائها من التغيير وفق ما يفيد به نائب عن تلك القوى رفض الكشف عن اسمه. ويقول النائب إن «رئيس إقليم كردستان نيجيرفان برزاني بحث مع عبد المهدي التعديل الوزاري مبدياً دعم الإقليم لإجراءات بغداد في مكافحة الفساد ومحاسبة الوزراء المقصرين» مضيفاً إن «برزاني شدّد على ضرورة عدم شمول الوزراء الكرد بالتغيير الوزاري وقد أقنع الحاضرين بضرورة عدم تبديل وزير المال فؤاد حسين، ووزير الإسكان والإعمار بنكين ريكاني» وهما مرشحان عن «الحزب الديموقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود برزاني.

على خطّ موازِ تتواصل مساعي بعض الكتل السياسية إلى التوطئة لإقالة عبد المهدي. وفي هذا الإطار، سلّم 119 نائباً رئاسة مجلس النواب، طلباً يتعلّق بحجب الثقة عن رئيس الحكومة الأمر الذي يتعارض مع الدستور الذي لم يَرِد فيه موضوع حجب الثقة إلا إذا سُبق باستجواب. إذ تنصّ المادة 61 من الدستور (الفقرة ثامناً – البند 2) على أن لـ«مجلس النواب بناءً على طلب خُمس أعضائه سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء ولا يجوز أن يُقدَّم هذا الطلب إلا بعد استجواب موجّه إلى رئيس مجلس الوزراء».

ووفق الأنباء الواردة من البرلمان فإن النائبين صباح الساعدي عن «تحالف سائرون» (المدعوم من زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر)، وعدنان الزرفي عن «ائتلاف النصر» (بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي) سيتناوبان على استجواب عبد المهدي إذا حدّدت رئاسة البرلمان موعداً للمساءلة، التي ستطاول في الـ 15 من كانون الأول/ ديسمبر المقبل وزير النفط ثامر الغضبان بعد تشخيص عمليات فساد وهدر للمال العام في أروقة وزارته. إلى الآن لا يبدو أن جهود إقالة عبد المهدي ستؤتي ثمارها إلا أنها ستفتح ــــ فيما لو نجحت ــــ الباب على تعقيد جديد في مسار الأزمة وتزخيم المطالبات بتأليف حكومة انتقالية وهو ما لا ترضاه غالبية «القوى الشيعية والكردية».

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية