المرصاد نت - متابعات
تستمر العمليات العسكرية في ريف إدلب الجنوبي. الجيش العربي السوري تمكّن من توسيع سيطرته في المنطقة في وقت سريع عبر هجمات برية مكثفة وموجات قصف عنيفة وتوزيع العمليات على أكثر من محور لتشتيت قدرة الفصائل المسلحة على القتال والدفاع. يوم أمس فقط تمكنت وحدات الجيش من السيطرة على أكثر من عشر قرى وبلدات جديدة بعد معارك عنيفة مع المسلحين. ومن بين القرى التي سيطر عليها: تحتايا، الحراكي، القراطي، وفروان والمعيصرونة وغيرها في ريفي إدلب الجنوبي، والجنوبي الشرقي. مع هذا التوسع باتت القوات الحكومية تسيطر عن بلدة جرجزناز ذات الأهمية الاستراتيجية إذ تُعدّ بوابة الدخول إلى منطقة معرّة النعمان المجاورة، على الطريق الدولي M5.
وشهدت المنطقة حالة من الانهيار السريع أمام تقدم الجيش الذي بدأه الأسبوع الماضي إذ استطاع منذ بداية العملية السيطرة على أكثر من 25 قرية وبلدة في الريف الجنوبي لإدلب. وكانت دمشق قد اتخذت قراراً باستعادة السيطرة على M5 بالقوة بعدما فشل الضامن التركي في تعهده بفتح الطريق وإعادته إلى حالته الطبيعية كما جرى التوافق في سوتشي في أيلول/سبتمبر من العام الماضي.
ويبدو أن مدينة معرّة النعمان الاستراتيجية قد ضربت موعداً مع معركة كبرى. وما لم تكن الكواليس السياسية في موسكو قد أسّست لتغيير في خريطة التفاهمات وتحديث للتوافقات بشأن الطريق الدولي M5 فإنّ المعركة الآتية قد تكون واحدة من أعنف المعارك التي شهدها الميدان السوري منذ «معركة الكلّيات» الشهيرة في حلب قبل ثلاث سنوات. وأعلنت أنقرة أمس إرسال وفد إلى موسكو للحديث عن إدلب بتزامن لافت مع زيارة مبرمجة مسبقاً لوزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى العاصمة الروسية.
ومن المسلَّم به أن ملف إدلب قد حضر على طاولة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره السوري علاوة على ملفات أخرى سياسية وميدانية واقتصادية. ونقلت وسائل إعلام روسية عن لافروف تأكيده أهمية «عودة سيطرة دمشق على جميع الأراضي السورية». ويبدو جليّاً أن أنقرة تسعى لتهيئة مناخات تفاوض أمام وفدها إلى موسكو تتيح له الحصول على مكتسبات منشودة ليس بالضرورة أن ترتبط بإدلب بشكل مباشر. وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في كلمة له إن «الوفد سيزور موسكو لبحث الوضع في إدلب» وإن «أنقرة ستتخذ الخطوات التالية شمالي سوريا بناءً على نتائج الزيارة».
وفي المقابل لا يبدو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مستاءً جداً من العملية بل يعمد إلى استغلالها لممارسة المزيد من الابتزاز للدول الأوروبية إذ يهدّدهم بموجة لجوء جديدة مع أن قواته على الحدود تمنع بحزم أي نازح من العبور. ويبدو أن أردوغان يريد الحصول على التأييد والدعم الأوروبي والدولي لخططه في الشمال السوري حيث ينوي توطين اللاجئين في ما يسميه «منطقة آمنة»، إضافة إلى استغلال ذلك في أي مفاوضات مع موسكو. وهو قال أمس إن «نحو 80 ألفاً بدؤوا التحرك من إدلب باتجاه تركيا بسبب القصف الروسي والسوري» مضيفاً خلال حفل توزيع جوائز في إسطنبول أنه «لا مفرّ من أن تواجه أوروبا ظروفاً مثل أزمة المهاجرين التي شهدتها عام 2015م إذا لم تقدّم يد العون لوقف العنف في هذه المنطقة». كما أشار إلى أن وفداً تركياً سيذهب إلى موسكو لبحث الوضع في سوريا اليوم، وأن أنقرة ستحدّد الخطوات التي ستتخذها بناءً على نتيجة هذه المحادثات.
وفيما يواصل الجيش العربي السوري تقدّمه السوري في ريف إدلب الجنوبي والجنوبي الشرقي بسرعة لافتة توحي المعلومات المتوافرة بأنّ «أمر عمليّات» موحّداً قد وُجّه لمختلف المجموعات المسلّحة للاستعداد لـ«معركة مصيرية» في معرّة النعمان (ريف إدلب الجنوبي وتبعد 45 كم عن مدينة إدلب). وليس من الواضح ما إذا كانت أنقرة قد قرّرت بالفعل مقاربة معارك إدلب بطريقة مختلفة أو أنها تستعدّ للتصعيد عبر «خطة طوارئ» إذا عاد وفدها من موسكو من دون «ثمن مناسب».
مصادر أكدت أنّ جهود التفاوض للوصول إلى تسوية سلمية بشأن المدينة باتت أقرب إلى الانهيار مع سلوكها منحىً سلبيّاً منذ ليل الأحد ــــ الإثنين. الأمر الذي أكّده الوسيط عمر رحمون الذي قال إنّ «المفاوضات كانت جارية لتاريخ البارحة (الأحد) ثم جاءني رد سلبي جداً. أتوقع أنه لن يحصل اتفاق وستكون معركة طاحنة». وكان رحمون قد تحدث قبل ذلك عن جهود وساطة يقوم بها للوصول إلى اتفاق بين الجيش السوري وبين عدد من القوى في معرة النعمان. رحمون الذي سبق له أن لعب دوراً فاعلاً في اتفاق «شرق حلب» أوضح أنّ الرد السلبي «جاء من قبل المعارضة». ولدى سؤاله عن الجهات التي كان التفاوض قائماً معها قال: «التفاوض كان قائماً مع شخصيات لها وزنها في المعرة ولها حضورها عند جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام) وعند الفيلق (فيلق الشام)». وأوضح أنّ تعثر المفاوضات لا يمكن ردّه إلى أسباب ملموسة بل هو «مجرّد تعطيل» كما تحدث عن مؤشرات على أنّ التعثر نابعٌ من «رغبة تركيّة».
في المقابل نفت مصادر سوريّة معارضة وجود «مفاوضات حول معرّة النعمان أو غيرها». وأكد مصدر ميداني من «الجبهة الوطنية للتحرير» أنّ «هذا الكلام جزء من الحرب النفسيّة المعارك دائرة والميدان هو الحكم». وعزا المصدر التهاوي المطّرد للمجموعات المسلحة إلى «عاملين أساسيين (هما): عنصر المفاجأة وتواطؤ (أبو محمد) الجولاني وجماعته (تحرير الشام)». وأضاف أن «الأمور في طريقها إلى التغيّر وهناك غرف عمليات طور التشكيل، وخطط عسكرية عاجلة ستدخل حيّز التنفيذ قريباً». وتزامن هذا الكلام، مع معلومات عن تحشيدات تقوم بها مجموعات مسلّحة عدّة. فضلاً عن حملة نشاط إعلامي لعدد من قادتها بدأها قائد «ألوية صقور الشام» أبو عيسى الشيخ (أحمد عيسى الشيخ) وهو أيضاً «نائب قائد الجبهة الوطنية للتحرير»، وهي واحدة من أشدّ المجموعات ارتباطاً بأنقرة. ودعا الشيخ «قادة الفصائل إلى النزول إلى ساحات الحرب في إدلب» كما دعا إلى «التعويل على السلاح وحده».
بدوره علّق مصدر عسكري سوري بارز، بالقول إنّ «الجيش العربي السوري هو أفضل من يفهم لغة الميدان وخير من يعرف كيف يخطّ السطور الأخيرة فيه». وقال المصدر إنّ «وتيرة العمليات متسارعة، وتهاوي الإرهابيين نتيجة حتمية على كل الجبهات». المصدر لم ينفِ احتمال فتح محاور أخرى للعمليات وأشار في الوقت نفسه إلى أن «في جعبة الجيش الكثير من الخطط والاحتمالات والجبهات ستكشفها تباعاً». يرى المصدر أن تشبيه معركة معرة النعمان المحتملة بـ«معركة الكلّيات» غير وارد ويقول إن «ظروف اليوم مختلفة كثيرة عما كانت عليه في حلب ولن يكون في وسع الإرهابيين الصمود طويلاً». وحتى مساء أمس تمكن الجيش من السيطرة على بلدة جرجناز (قرابة 10 كم شرقي معرة) بالتزامن مع تقدمه على محاور موازية تصلح منطلقاً نحو معرة النعمان من الجهة الشمالية الشرقية. وتشكّل المدينة الاستراتيجية محطة مهمة على الطريق الدولي M5 وستتيح سيطرة الجيش عليها الانتقالَ إلى مرحلة السيطرة على مدينة سراقب (ريف إدلب الشمالي تبعد قرابة 50 كم عن حلب) التي ستكون آخر النقاط المهمة الخارجة عن سيطرة دمشق على الطريق الدولي.
إلى ذلك يأخذ تقدم الجيش العربي السوري في ريف إدلب الجنوبي تكتيكاً سريعاً يهدف على ما يبدو إلى قضم أكبر مساحات، بأقصر مدة زمنية ممكنة وفق خطة على مراحل. كذلك، لا يبدو ريف حلب الغربي بعيداً عن خطط الجيش، في ظل تصاعد الحديث عن نية لدى الجيش بتوسيع عملياته العسكرية باتجاه ما تبقّى من أرياف حلب، لإعلان كامل المحافظة خالية من الوجود المسلّح. ويسعى الجيش من خلال اعتماد تكتيكات عسكرية متنوعة إلى إرباك المسلّحين ومنعهم من اعتماد أساليب دفاعية تساعدهم على الصمود الطويل في مناطق انتشارهم. وقد نجحت القوات الحكومية في إحراز سيطرة واسعة على منطقة جغرافية صعبة تتضمن تلولاً عديدة مع انهيار سريع للمسلّحين في ريفَي إدلب الجنوبي والجنوبي الشرقي.
وترى مصادر ميدانية سورية أن «المعركة التي تهدف إلى الوصول إلى مدينة معرّة النعمان تسير كما هو مخطّط لها ولا تواجه عقبات كبيرة حتى الساعة». وتعتمد وحدات الجيش خطط السيطرة المتدرّجة للوصول إلى الهدف الرئيسي وفق السياق نفسه الذي عُمل عليه خلال السيطرة على مدينة خان شيخون ويتكرّر الآن في عملية التقدم نحو مدينة معرّة النعمان. وفي هذا السياق يؤكد مصدر ميداني يشارك في إدارة العملية أن «الهجمات الحالية تحمل هدفين رئيسيين هما الوصول إلى جرجناز الاستراتيجية (تم ليل أمس) ثم منها نحو معرة النعمان والطريق الدولي». ويتحدّث المصدر عن الأساليب والتكتيكات الدفاعية للمسلحين خلال المعارك الأخيرة مبيّناً أن «المسلّحين يعتمدون على التحصين المتين في محاولة لامتصاص الضربات الجوية والصاروخية لخلق ظروف تساعدهم على الثبات في مواقعهم» مشيراً إلى أن «إدراك الجيش لأساليبهم الدفاعية أدى إلى مباغتتهم بأساليب هجومية جديدة آخرها الاقتحام المباشر للمواقع والتحصينات والسيطرة عليها».
ويرى المصدر أن «المسلّحين لا يُبدون أي صمود أمام هجمات الجيش في المنطقة وهو ما ساعد الجيش على التقدم السريع والتثبيت في عدد كبير من القرى والمزارع والتلال وأفقدهم نقاطاً دفاعية مهمة، في وقت قصير» كاشفاً أن «تكتيك الجيش المتنوع نجح في زراعة الهزيمة في نفوس المسلّحين الذين باتوا يفرّون بمجرد السماع باقتراب الجيش». واعتبر المصدر الميداني أن «اندفاعة الجيش السريعة فرضت واقعاً حتى على الأتراك الذين باتوا شبه مستسلمين لحتمية تقدم الجيش، وتحقيق كامل الأهداف الميدانية». وإذ يرفض المصدر تحديد جدول زمني محدّد للعمليات العسكرية في إدلب فإنه يؤكد أن «العمل العسكري في محافظة إدلب سيبقى مفتوحاً بناء على الخطط» مشيراً إلى أن «الدخول إلى معرة النعمان سيكون وشيكاً». كذلك يتوقع المصدر أن تثبّت «وحدات الجيش نقاطاً جديدة لها داخل معرّة النعمان وعلى طريق M5 خلال أيام».
ومن خلال المعطيات الميدانية المتوافرة يمكن القول إن هدف الوصول إلى معرّة النعمان بات مسألة وقت فقط. كذلك، يُتوقع ألا تقتصر عمليات الجيش على معرّة النعمان في ظل معطيات إضافية عن نية لدى الجيش بتوجيه تعزيزات عسكرية باتجاه ريف حلب الغربي بهدف انتزاعه من سيطرة المسلّحين. ووفق معلومات عسكرية، فإن الجيش سيعمل على التقدم في ريف حلب الغربي لربطه مع ريف إدلب وتضييق الخناق على المسلّحين هناك.
كذلك فإن هدف تحرير ريف حلب الغربي انطلاقاً من الراشدين والوصول إلى الأتارب والريف الإدلبي ينطلق في الأساس من ارتفاع وتيرة القصف على الأحياء الغربية والشمالية لمدينة حلب بعدما تحوّلت إلى ساحة انتقام للمسلّحين مع كل هجوم للجيش باتجاه مناطق جديدة في ريف إدلب. ويعلّق المصدر الميداني، على احتمالية فتح جبهة ريف حلب الغربي خلال الفترة القريبة بالقول إن «الأولوية الميدانية هي للمعرّة وطريق الـM5». ولا يستبعد المصدر أن «تشهد العمليات العسكرية اتساعاً سريعاً في رقعة السيطرة خلال الأيام القليلة المقبلة» معتبراً أن «جبهة ريف حلب الغربي مرشّحة للتصعيد (...) لأن تأمين ريف حلب الغربي سيساعد على فتح جبهات جديدة ضد مناطق انتشار المسلحين في أرياف إدلب المتعدّدة وخلق قوس ناري في محيطها من الجنوب وحتى الشمال».
المزيد في هذا القسم:
- لبنان ينتفض ضد الفساد .... والسلطة إلى القمع المفرط! المرصاد نت - متابعات لم تعُد البلاد مُستعصية على الثورات. انتفاضة شعبية يشهدها لبنان من أقصاه إلى أقصاه، فجّرتها الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية السيئة، بفعل ت...
- تواصل الإدانات لتصريحات ماكرون المعادية للإسلام وتحركات شعبية لمقاطعة المنتجات الفرنسية المرصاد-متابعات أعربت الكويت عن استيائها من إعادة نشر رسوم الكاريكاتير المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم في فرنسا، كما أعلنت جمعيات تجارية عربية مقاطعة...
- معركة فلسطين أكبر من نقل سفارة المرصاد نت - متابعات لا يتعلق المشهد في فلسطين اليوم بقضية نقل السفارة الأميركية إلى القدس رغم فظاعة الحدث أو إحياءٍ لذكرى النكبة إنما يُفرَض على الشعب الفلسط...
- جزيرة سودانية لتركيا: البشير يبتعد عن الرياض وأبو ظبي؟ المرصاد نت - متابعات اختتم الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أمس زيارة «تاريخية» للسودان تُوّجت بمنح بلاده جزيرة سواكن الواقعة على البحر الأحمر تحت عن...
- روسيا : العقوبات الأميركية إعلان حرب اقتصادية المرصاد نت - متابعات حذر رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف اليوم من أن روسيا ستعتبر فرض دفعة ثانية محتملة من العقوبات الأميركية عليها بمثابة «إعلان حرب...
- تفاصيل محاولة اغتيال السيسى كشفت تحريات جهات سيادية وتحقيقات النيابة و٣ مصادر أمنية، عن تفاصيل محاولة أعضاء فى جماعة بيت المقدس الإرهابية اغتيال المشير عبدالفتاح السيسى، المرشح المحتمل ل...
- «تسونامي» ابن سلمان... العرض متواصل المرصاد نت - متابعات لليوم الثامن عشر على التوالي يستمر الأمير محمد بن سلمان في احتجاز أبناء عمومته من الأمراء إلى جانب رجال أعمال ونافذين كبار في السعودية ضم...
- 29 قتيلاً في أقلّ من 24 ساعة: خطاب ترامب «يثمر» جرائم كراهية ! المرصاد نت - متابعات 29شخصاً على الأقل، قتلوا في الولايات المتحدة، خلال الساعات الـ 24 الماضية في هجومين منفصلين وقعا في ولايتَي تكساس وأوهايو. الهجوم الأول و...
- العبادي يعلن انطلاق معارك تحرير تلعفر من داعش المرصاد نت - متابعات أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي انطلاق عملية تحرير منطقة تلّعفر من تنظيم داعش. وتوجه العبادي إلى العراقيين بقوله "أنتم على موعد...
- آل سعود الشجرة الملعونة 'شعار يملأ شوارع بغداد' المرصاد نت - متابعات انتشرت في شوارع العاصمة العراقية بغداد يافطات كتب عليها “آل سعود الشجرة الملعونة” تشرح جرائم حكام آل سعود. وهاجم نشطاء في ...