المرصاد نت
تحركت الشعوب بعد تضخم مظاهر الفساد وتردي الأوضاع المعيشية وتقييد الحريات وتغلغل الخارج في الداخل العربي وكانت المطالب الشعبية بالحرية والعدالة والتنمية وحقوق الإنسان والكرامة وكلها مطالب مشروعة من شأن تحققها إحداث نهضة وتغيير يعزز من حضور الدولة والمجتمع وتمكين الشعب من ممارسة حقوقة .. لكن المسار التغييري تم الإنحراف به من قبل مراكز القوى التي أستجمعت قواها وأندست داخل صفوف التظاهرات وأنحنت قليلاً تجاه مطالب الشعب ..
وهكذا يبدوا التلاعب بمطالب الشعب والإنحراف بها لصالح رموز تقليدية خرج المتظاهرون ضدها .. لكن اللعبة السياسية وتدخلات الخارج الإقليمي والدولي أقتضت إعادة أنتاج النظم السابقة ورموزها الأمر الذي شكل ولايزال أهم معوقات التغيير الذي جعل من الربيع خريفاً يسرع مما هو في مساره الطبيعي ..
فادعاء الحكمة لليمنيين وكانها صفة جينية تنتقل خلال الف عام أمر يكذبه الواقع حيث النخب الراهنة جزء من صراعات مدمرة مستمرة أكثر من ثلاثين سنة في دورات عنف متجددة لامجال معها لتأكيد حضور الحكمة .. فمن يقتل الشعب بالسلاح والفقر لايكون حكيماً ..
والأمر ذاته في لبنان خرجت البلد من حرب اهلية طائفية ولاتزال حاضرة في وعي اللبنانين إلا أن واقع السياسة تتزعمه قيادات تلك الحرب السيئة فاعاقت التغيير الحقيقي بحضور دولة وطنية حديثة والأمر ذاته في العراق وسوريا واليوم تخوض الجزائر نفس المسار التغييري بخروج الشعب بمظاهرات كبيرة والجميع هنا يدركون مخاطر العشرية السابقة وهو أمر جيد لكن رموز الدولة العتيقة عسكرياً وبورجوازياً وقادة العمل السياسي هم أنفسهم أصدقاء فرنسا لن يتركوا التغيير يسير نحو الهدف الرئيسي بل الأتجاه يشير إلى إنحرافا بمسار التغيير لتتولى جزء من النخبة السابقة إدارة الدولة ..
والواضح جداً دور الرئيس البشير في الانحراف بمسار التغيير الذي طالب به الشعب السوداني وهو يئن تحت أزمات متعددة ومتنوعة ناهيك عن فشل البشير في حماية وحدة السودات التي أنقسمت في عهده ناهيك إنه أول رئيس عربي مطالب جنائياً من محكمة دولية ..أخيراً نفس الانحراف بمسار التغيير حدث في مصر وتونس وقد يرى البعض في هاتين التجربتين تحققاً لبعض مجالات التغيير وتجنباً للحرب والعبث السياسي الذي يسود اليمن وسوريا وليبيا ..نحن هنا أمام فلكلور فيه القديم مع قليل من الجديد لكن الاخراج السياسي والإعلامي يقدم هذا الفلكلور بانه خصوصية عربية يتم أقناع الشعوب بأصالتها ..
والمثير للسخرية قدرة مراكز القوى التي أنحرفت بمسار التغيير بإستقطات أفراد لديهم قدرة على التنطط نحو المراكز الوظيفية والسياسية لتقدمهم بانهم رموز للشباب والثوار والمرأة والمجتمع المدني ..
الخطير في الأمر أن الوضع الأقتصادي والإجتماعي وتقييد الحريات وتراجع دور الدولة انمائيا كلها حقائق معاشة تؤكدها تقارير المظمات المالية الدولية والاقليمية ..فاليمن لاأحد يعرف حجم الإنتاج النفطي وإين تذهب مردوداته المالية ..الجزائر بلد نفطي كبير وغالبية الشباب مهاجر للبحث عن فرص عمل وكذلك الأمر في ليبيا والعراق …
العرب فهموا السياسة بانها لعبة لاستملاك السلطة والمقدرات المالية لكن الأزمات القادمة ستكون بمثابة الطامة الكبرى حيث المجتمعات العربية تتضاعف في عدد سكانها سريعاً (اليمن يتضاعف سكانه كل 25سنة ) ويتزايد حجم الشباب خصوصاً ولن يكون في القريب العاجل أمل أمام مراكز القوى للتلاعب عندما ترتفع النسبة الى 80% من الشعب تحت خط الفقر ويتحرك بانتفاضات عارمة قد لاتكون سلمية بل مدمرة تحرق الاخضر واليابس .. لانها لن تخسر شيئاً باعتبارها في قاع المجتمع لكنها تمتلم وعياً وتعرف من أفسد حياتها ودمرها .. فان لم تتحسن معيشة الشعوب العربية وتتأسس دولة وطنية حديثة بمؤسساتها تعمل بالدستور والقانون فالقادم القريب لن يبقي من الدولة ورموزها والأحزاب وقياداتها شيئا يذكر ..؟
كتب : د. فؤاد الصلاحي
المزيد في هذا القسم:
- بحضور المرأة اليمنية كان يوماً من أيام الله ! بقلم : أمةالملك الخاشب المرصاد نت منذ الأسبوع الذي سبق يوم المولد النبوي الشريف ونساء اليمن في مختلف مديريات أمانة العاصمة يعملن على قدم وساق كخلية النحل في تجهيز الكعك والمعجنات&nbs...
- هل اصبحنا فئران تجارب للطائرات الأمريكيه؟؟... اقفُ حيران وينتابني نوع من الخجل عندما اكتبُ عن هكذا مواضيع عن جرائم تُرتكب بحق الانسانية في اليمن عبر طايرات بلا طيار " الامريكية " !! كلُ يوم نمسي ونصبح على...
- النظام الاردني ولعبة دور النذل في عاصفة الحزم ! بقلم : عبدالملك العجري المرصاد نت الدول العربية غير الخليجية المشاركة في عاصفة العدوان مصر,الاردن,السودان ,المغرب ..لكل دولة منها دوافعها من المشاركة ولكل دور يلعبه من كل حسب قدرت...
- منطقتنا بين خطر الإرهاب وخطر ” مكافحة الإرهاب “ لا نستطيع مجاوزة ان الجماعات والعمليات الإرهابية التي تتواجد وتتم في غير مكان في العالم تمثل مدخلا واسعا لأعمال تتم في منطقتنا العربية والإسلامية بشكل كبير وج...
- الحوار البيزنطي يلد فأراً ! بقلم :يوسف الفيشي ابومالك المرصاد نتوأخيراً حوار البيضة والدجاجة وصل إلى النتيجة التي توقعناها قبل ثلاثة أشهر في موضوع سابق ونحن الآن على مسافة أيام من فشل الحوار البيزنطي الذي تمخض ف...
- ولد الشيخ .. ورقة مضروبة في شتاء الرهانات المرصاد نت تحدثنا باكرا في منتصف العام الماضي أن الأمم المتحدة اتخذت قرار إقالة المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ احمد ، وان بقاءه لم يكن سوى تلبية ل...
- الوطن .. والبقرة .. والكاهن بقلم الكاتب جلال الجاك في قريش كان الكاهن يقول لعابدي الصنم : إن الصنم يطلب منكم بقرة حتى يلبي طلبكم !!! وطبعا الصنم لا يتكلم، ومن يريد البقرة ويستفيد منها هو الكاهن !! ولو قال الكا...
- 11 فبراير خسرنا التغيير ولم نربح الديمقراطية ! المرصاد نت كان لابد من ثورة أو حركة 11 فبراير بغض النظر عن مآلاتها، وما نكابده تحت الحرب والعدوان وتجزئة البلاد وانهيار الاقتصاد وتردي حالة السلم الاجتماعي في...
- داخل في الغُرم .. خارج من الغنيمة عُرف عنما كانت تُسمى بالمعارضة في عهد النظام السابق بإنها كانت جزء لا يتجزأ منه كواجهة لحماية وتجميل النظام وعلى رأسها الحاكم السابق، لما كانت تقوم به م...
- السعودية الناصرية وليس القطة التي تأكل ابنائها ! بقلم : آزال الجاوي المرصاد نت في ظل حالة تمرد عربية او بالأصح حالة من التيه والضياع تستعيد القوى الاقليمية التاريخية (ايران + تركيا) بمساعدة من الدول العظمى تقاسم النفوذ بعد تنا...