المرصاد نت
انفطر قلبي وغالبت دموعي وشعرت ببكاء كل ذرة في كياني وانا أشاهد الصور التي نشرتها وسائل الإعلام اليمنية أمس وتُظهر جثث العشرات من الجنود السودانيين .. قتلوا بواسطة قوات المقاومة اليمنية الباسلة في مديرية “ميدي” باليمن الأحد الماضي.
وما أقسى ان يتعاطف المرء مع القاتل والمقتول .. وينحاز للطلقة وللصدر الذي اخترقته في آن ! هذه المشاعر الغريبة والمختلطة انتابتني وانا أطالع جثث الجنود متفحمة ومتعفنة في الصحراء كما الفرائس .. بعد ان غرر بهم رئيسهم المرتزق ، ورماهم في أتون حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل ، مقابل حفنة من الدراهم يواري بها سؤاته.. ولن يواريها !
لم أغضب لصمت المرتزق الذي رمى جنوده في جحيم اليمن .. فلم يُعرف عنه بانه انسان يتألم كما يتألم شعبه .. ويشعر بالعار الذي شعر به أي سوداني لديه ذرة من الكرامة.. بل اغضبتني حالة الصمت العامة في المواقع السودانية .. وكأن الجثث لكائنات من كوكب آخر ! فعندما تفتح أسواق النخاسة من جديد بقرار من رئيس الدولة ، وتصبح الأرواح سلعة تباع في الأسواق .. وعندما تسترخص الأنفس وتهان الكرامة بهذا الشكل الفاضح ، فان الإدانة بـ”الكيبورد” تصبح من أضعف الايمان بالوطن .. ويصبح الصمت جريمة ضده !
ان غالبية أهل السودان يشعرون بالعار يكللهم من رؤوسهم إلى اقدامهم .. بعد ان ورطهم “رئيسهم” الذليل في حرب ضد أهلهم باليمن .. وبعد ان أصبح لقب “مرتزق”في اليمن ماركة مسجلة باسم “السوداني” ، والذي كان: مدرساً يبني العقول ، ومهندساً يقف كالنسر على قمم الجبال مشيداً للمباني ، وطبيباً يعالج الأبدان في القرى والفيافي ، فاستحوذ على حب واحترام جميع طوائف الشعب اليمني، شمالاً وجنوباً .. وقد حكى لي صديق حقوقي أثق في حديثه: ان قاضي يمني سابق قال له: ان القضاة في اليمن كانوا يعتبرون شهادة السوداني شهادة حاسمة ومبرئة في أي قضية تعرض أمامهم .. وذلك لما عُرف عنهم من صدق ونزاهة واستقامة أخلاقية ! فأين كنا وأين وصلنا وإلى أين نسير ؟
تحكي القصة المعادة عن أمير المؤمنين “عمر بن الخطاب” رضي الله عنه ، انه نادى على الشاعر “الحُطيئة” – الهجّاء الشهير – الذي لم يوفر أحداً إلا وهجاه .. طالباً منه التوقف عن ذم الناس وسبهم ، فرد الحطيئة قائلاً : إذاً تموت عيالي جوعاً يا أمير المؤمنين ؟ فإشترى منه عمر بن الخطاب أعراض المسلمين بثلاثة آلاف درهم ، وأخذ منه العهد على ذلك.
ذهب “عمر بن الخطاب” الذي اشترى أعراض المؤمنين إلى رحاب ربه ، وبقى “عمر البشير” يبيع أرواح السودانين بثلاثة آلاف درهم اماراتي ! فمن يشتري منه أرواحنا وأعراضنا وكرامتنا ؟ من ؟.
كاتب سياسي من السودان
المزيد في هذا القسم:
- ما لم تقله مشاورات السويد ! المرصاد نت حظيت مشاورات السويد باهتمام إقليمي ودولي كبير جدا نظر لما وصلت إليه القضية اليمنية من تطورات وتغيرات على مستوى المواجهة العسكرية وعلى الصعيد الإنسا...
- الشروط الامريكية لهزيمة داعش ! بقلم : صلاح القرشي المرصاد نت لايمكن لاي دوله تنتشر في اراضيها مجموعات داعش ان تستطيع ان تهزمها لوحدها لان هناك فيتوامريكي وحلفها من الدول الاقليمية بالمنطقة تمنع ذلك او ت...
- ليس مصادفة أو وليد اللحظة ما يجرى في عدن لتهجير أبناء الشمال ! بقلم : عبدالجبار الحاج المرصاد نت كانت عدن قد تشكلت بجمالها وحب الناس لها . من ذلك التآلف والتعايش البالغ حد الاندماج الكلي لسكانها المتعدد المتنوع الثراء من ديانات مختلفة تعايش...
- رسالة مفتوحة لأنصار الله عن مواني عدن تزامناً مع الكنفرنس طالما وأنصار الله في الوقت الراهن متاح لهم المجال بفتح ملفات الفساد بمختلف أنواعها وأحجامها فهذا شي ممتاز وجيد بل يعتبر جزء من مكافحة الإرهاب بحكم أن ال...
- الإعلام المرئي العربي ! بقلم: ابراهيم محمد الهمداني المرصاد نت الإعلام المرئي العربي محاولة لقراءة الواقع وتشخيص مشكلاته ... إن الناظر في مجمل القنوات العربية سيجدها على قسمين: الاول: قنوات صناع...
- شلَل المُجتمعات .. ؟! المرصاد نت يحتاج أي إنسان عاقل إلى حدٍ أدنى من اليقين أو الإقتناع أو المعلومات المؤكدة لكي يتخذ قرارا ما ، أو يتصرّف على نحو مُعين أو أن يت...
- القضاء على الحج مخطط غربي وتنفيذ سعودي ! بقلم: صالح مقبل فارع المرصاد نت في القرن الماضي أرسل حكام أوروبا عالما من علمائها إلى بلاد المسلمين قائلةً له: إذهب إلى بلاد الإسلام وانظر لنا مصادر القوة ونقاط الضعف عند المسلمين...
- رداً على سفير النعاج في واشنطن ! بقلم : الشيخ عبدالمنان السنبلي المرصاد نت قالها و قد ظن أنه بقهقهاته تلك التي أضحك بها من حوله قد صنع لمملكته بذلك نصراً إستراتيجياً سحرياً لن يفر بعده جنودهم و نعاجهم من أمام رجال الرجال هن...
- خطوة في الاتجاه الصحيح ! بقلم : حميد دلهام المرصاد نت ونحن نعيش اجواء العدوان الغاشم، والحصار الخانق، والاستهداف المباشر لشعبنا العظيم.. وما يطالعنا به وفد الرياض من جديد التعطيل، والتعليق، على طاول...
- مقتلة عمران.. تبييت الجريمة وتوظيفها سياسيا! بيان المصدر المسؤول الصادر يوم أمس الأول عن وزارة الداخلية بخصوص الأحداث بعمران لم يكن صحيحاً، كما لم يعبر عن سلطة مسؤولة تجاه ما حدث بالضبط، وتجاه الضحايا من...