لماذا اختارت مدينة "سيئون" لانعقاد جلسة البرلمان؟

المرصاد نت - متابعات

بعد كر وفر أزيح الستار أخيراً عن المدينة التي ستحتضن جلسة لمجلس النواب اليمني مدينة السلام والأمان "سيئون" التي أختيرت لتكون شاهدة على حدث عودة مجلس Hatramaout2019.4.13النواب الى الواجهة مجدداً بعد غياب دام لأكثر من أربعة أعوام ولم تقبل مدينة عدن إنعقاده في أراضيها رغم كونها العاصمة المؤقتة لليمن ولم تختار مدينة المكلا الموقف ذاته وكان الخيار الميداني في حضرموت الوادي هو المتاح حيث القت الرياض بكل ثقلها السياسي والعسكري محاولة ضبط ميزان القوى جنوبياً في أقصى الشرق اليمني.

ولان سيئون هي المدينة التي عقد فيها مجلس النواب جلساته الغير إعتادية أضحت جميع الأنظار متجه صوب هذه المدينة في الأيام الماضية والتي كانت فيه مسرحاً لعديد من الأحداث والتوترات في الشارع الحضرمي تحت إجراءات أمنية مشددة وأنتشار وأسع لقوات الأمن والحرس الرئاسي أضافة إلى تواجد القوات السعودية بمختلف عتادها مسنودة بمنظومة دفاعية بغرض حماية المدينة من آي هجوم صاروخي قد يقوم به الحوثي.

وأكدت معلومات عن توافق الكتل البرلمانية على أختيار سلطان البركاني رئيسا للمجلس وكلا من محمد الشدادي وعبدالعزيز جُباري ومحسن باصرة نواباً لرئاسة المجلس وأثار اختيار البركاني جدلاً حيث صرح رئيس دار المعارف للبحوث في حضرموت"سعيد بكران": عن غرابة ما يحدث كونه لايعقل فجأة بعد ثمان سنوات من الثورة لإسقاط النظام يصبح أسمى أماني الثوار هو إستعادة النظام ومن أين؟

وقال بكران: سلطان البركاني أقتحم الإخوان منزله في تعز وأحتلوه أيام الثورة  وأقتحم الحوثيون منزله في صنعاء.. والأن توافق الإخوان ودنابيع فنادق أبوظبي ودنابيع فنادق الرياض على تنصيبه رئيساً لمجلس النواب في سيئون!

فيما أعتبر الحوثيون انعقاد المجلس خيانة عظمى تستوجب تطبيق المادة 125 من قانون الجزاءات على كل من يحضر هذا الإجتماع وينص حكم قانونهم مصادرة جميع الأموال والإعدام!. بينما أعتبر البعض إن عقد المجلس جلساته يعد ضربة مشتركة من السعودية والإمارات للمجلس الإنتقالي تقيد حضروه تحت أطار الوحدة وتنسف بأحلامه في إستعادة سيادة الجنوب.

ويبدو إن إحتضان مدينة سيئون لجلسات البرلمان لم يقابل بالموافقة والرضى من قبل الشارع  في سيئون التي شهدت عصر أول أمس مسيرة جماهيرية غاضبة ترفض انعقاد جلسات المجلس -المنتهي شرعيته بحسب قولهم- في أراضيها.

وشارك وتجمع المئات من مختلف مناطق وادي حضرموت أمام سدة السحيل في سيئون بعد دعوة شباب الغضب القيام بمسيرة راجلة تنديداً لرفضهم انعقاد بما مجلس النواب المنتهي  وبدأت المسيرة  من سدة السحيل غربي مدينة سيئون حتى وصلت الى ساحة قصر السلطان الكثيري في سيئون  رفع من خلالها المحتجون أعلام دولة الجنوب سابقاً وأعلام دولتي لسعودية ودولة الامارات وهتف المشاركون في المسيرة بشعارات تؤكد رفضهم التام لانعقاد المجلس ردد فيها المحتجون العديد من الشعارات الثورية الجنوبية التي تؤكد ان مدينة سيئون جنوبية ولا تقبل المشاريع والمخططات الوحدوية.

وكان المجلس الثوري الأعلى للحراك قد حذر من مغبة عقد جلسة برلمانية في سيئون ودعا إلى تظاهرات مناهضة محذراً من ارتكاب اي انتهاكات ضد المحتجين السلميين ومن جهته ارسل نائب المجلس الإنتقالي الشيخ هاني بن بريك تحذيراً حاد اللهجة -أثار الكثير من الجدل - مؤكداً من خلاله إن العواقب أحتمالية وقوع عواقب وخيمة اذا ما تم الاعتداء على المتظاهرين السلميين وهو ما قد يجعل المقاومة الجنوبية حسب قوله في تغريدة له على حسابه في موقع التواصل الإجتماعي "تويتر" ترمي بكل ثقلها من كل حدب وصوب وليس لأحد على المقاومة سبيل .

والقيام بدورها الأخلاقي المتمثل بأمانة النقل للمتابع العربي لما وصفه  بالحراك الشعبي الرافض لإنعقاد البرلمان اليمني في أي شبر من أرض الجنوب مثلما تقوم الاخيرة بتغطية واسعة للحراك الشعبي في الجزائر والسودان" .

 وأعتبر عضو هيئة رئاسة المجلس الإنتقالي الجنوبي لطفي شطارة، إن الجنوب أعلن موقفه الرافض لعقد اجتماعات برلمان حكومة الشرعية في سيئون مشيراً الى الخروج الشعبي الرافض لاجتماعات البرلمان وهو ما أعتبره دليل وأضح على رفض الجنوبيون تمييع قضيتهم أو الانتقاص من إرادتهم في استعادة دولتهم. حيث كتب شطارة في منشور له بصفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": أن ‏الصور وحدها كافية ليسمع ويرى العالم أن الجنوب  له هدف واحد، رفض شعبي لأي برلمان لا يمثل شعب الجنوب.

وأعتبر مراقبون سياسيون إن إنعقاد البرلمان يمثل تعامل دول التحالف مع مجلس النواب كضرورة قصوى لما تراه فيه مهدداً  للطريق نحو الحديدة والذي يبدا عملياً من سيئون خاصة بعد وصول جهود غريفيث الى مفترق طرق حاد كما إن إنعقاد البرلمان يأتي كخطوة رمزية لن يمثل مكسباً أو خسارة لاي طرف لأن توجهات هذا البرلمان وطبيعة قيادته الجديدة وحدود صلاحياته وأولوياته هي من ستقرر فيما إذا كانت مهامه حلحلة الأمور وليس تأزيم الجنوب خاصةً واليمن عموماً.

و يرون إن السعودية ترغب بالبرلمان بهدف تزخيم الشرعية وإضعاف الحوثي بينما محسن و حزب الاصلاح يريدون ذلك نكاية بالانتقالي وأستئثاراً بمؤسسات الدولة .. وهو ما أعتبروه مرقبون جوهر التناقض الذي يفترض للأحزاب الوطنية (الاشتراكي ، الناصري ، المؤتمر) التنبه اليه باكراً بحيث تنعكس مفاهيم الشراكة والتوافق على صيغة الهيئة القيادية.

سيئون تحت المجهر الأمريكي ومخططات لا يدركها الجميع

لم تترك الإمارات خياراً لحكومة هادي في عقد الجلسة في عدن بعد إحكام قواتها الخارجة عن سيطرة الشرعية – الانتقالي -سيطرتها على الوضع في عدن ولتستغل السعودية ضرورة تعزيز قواتها بالشكل الذي تم خلال الأيام الماضية ذاهبة لاختيار سيئون مكانا لانعقاد جلسة المجلس المنتهية ولايته.

القوات السعودية تواجدت تحت مبرر حماية انعقاد الجلسة احتلت المدارس في سيئون وقطعت الشوارع والأدهى أن هذا التواجد قد يكون دائما لحاجتها دعم مليشياتها في المهرة وتأمين مصالحها في محافظة حضرموت. استبعاد التحالف لمدينة عدن مكانا لاجتماع النواب باعتبارها عاصمة مؤقتة كشف إلى أي مدى فشلت حكومة “هادي” المعترف بها في بسط نفوذها على مدينة كان يجب أن لا تسمح لأي تكتلات عسكرية بفرض سيطرتها على شبر منها، لكن الجلاد والحامي “التحالف” أراد للأمور أن تسير بهذا الشكل وأراد للشرعية أن تظهر بهذا الوجه المهزوز والمنبطح

يرى عدد من الناشطين اليمنيين ان توّجه السياسة الأميركية نحو إيجاد بديل لهادي قد دفع بالسعودية إلى دعم الجهود الحالية بعمل برلمان وانتخاب هيئة رئاسة جديدة له وهي ترتيبات قد لا يسلم منها “هادي” على هرم سلطة الفنادق. القرار التشريعي الذي تحاول قوات التحالف وحكومة “هادي” امتلاكه يثير عدة مخاوف تتمثل في “استخدامه من قِبل السعودية لتمرير مشاريعها الاستعمارية وربما في وقت لاحق الإمارات.

وهو ما أكده الصحفي “ياسين التميمي”ومبدئاً تخوفه ان محاولة حكومة هادي في استعادة مجلس النواب “ يثير مخاوف امتلاك آلية دستورية تسمح بتمرير اتفاقات قد تلحق الضرر غير المسموح به في الجغرافيا السياسية اليمنية.

اما الكاتب والباحث السياسي اليمني “علي الصنعاني” يرى أن الخارجية الأمريكية هي من ترعى هذا الإجتماع بنفسها ولم تعتمد على أذنابها هذه المرة كما كانت تفعل دوماً وان السفارة الأمريكية في اليمن” هي من تواصلت مع أعضاﺀ مجلس النواب في شرعية هادي أما عبر مساعدي السفير شخصياً أو عبر الاتصالات أو عبر سفاراتهم في البلدان البعيدة التي يتواجد فيها عضو من اعضاﺀ مجلس النواب.

يقول الصنعاني :ان الأمريكي بهذا يريد شرعنة العدوان والاحتلال لكي يدفع اليمن تكاليف هذه الحرب مستقبلاً من ثرواته ويدفع تعويضات لدول التحالف كما حدث في العراق سابقاً و يريد من هؤلاء الأعضاء أن يوافقوا على إقامة قواعد عسكرية أمريكية في الجزر اليمنية والجنوب اليمني ولا نستبعد ان المخطط الأميركي يريد منهم ان يوقعوا على وضع ثروات اليمن ومناطقه الحيوية تحت اشراف أمريكي مباشروقد يصل الامر باقتطاع المهرة وحضروموت من السيادة اليمنية

متابعون رأوا بأن تواجد تلك القوات التي احتلت المدارس والمنشئات الحكومية في وادي حضرموت دائمة ولن تنتهي بانتهاء جلسة مجلس النواب في هذا السياق قال عدنان هاشم :يبدو أنها دائمة ولن تغادر وادي حضرموت، موضحا أنها رسالة سعودية لأبوظبي التي تسيطر على الساحل في المكلا وتحاول الوصول إلى الوادي والسيطرة عليه أن القوات ضدها. و أن القوات السعودية التي وصلت إلى وادي حضرموت من المرجح أن يكون الهدف منها “حماية أنابيب النفط السعودية المتوقع استكمال إنشائها.

على غرار ذلك تستخدم الإمارات أجندتها في ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي وتستخدم السعودية اجندتها في شماعة الشرعية وحزب الإصلاح كل ذلك في سبيل التوسع وتقاسم الأرض اليمنية بين القوتين المخلصتين لهادي والمنتهكتين للأرض والعرض اليمني.

البرلمان في حال اكتسب دينميكيته السياسية من قواعد الصراع الحالي وحقائق العام ٢٠١٩م فانه سيمثل نقلة نوعية تسمح بانهيار الدمينو الانقلابي من الشرق وحتى الغرب..وتسمح ببناء تسوية جزئية بين الشمال والجنوب (الشرعية والانتقالي) أما في حال انعقاد البرلمان بشروط وقواعد العام1994م فان البرلمان سيظل مكبلاً ومحنطاً ومنفصلاً عن الواقع وفي أحسن الأحوال فانه سيقود الى توسيع محتكري الشرعية بحث ينضم اليهم قطب ثالث بجوار الرئيس والنائب .. وسيكون هدف هذه الترويكا إقتناص اللحظة السياسية بهدف شرعنة الاقاليم الستة وتقاسم مكاسب الحرب وأضعاف القوى المتفوقة في الساحل الغربي والجنوبي والتهرب من مقتضيات الشراكة السياسية والاصلاح المؤسساتي.

 

المزيد في هذا القسم: