المرصاد نت - متابعات
أكثر من ثلث أشجارها ونباتاتها لا توجد في أي مكان آخر في العالم، وتوصف بالمكان الأكثر غرابة على كوكب الأرض.
في 1990 قام فريق من الأمم المتحدة بإجراء مسح للحياة فيها، وأحصى الفريق الأممي 700 كائن حي لا يوجد في أي مكان آخر على الأرض.
و في 2008 اعتبرتها منظمة اليونسكو أحد أهم المواقع الطبيعية التي تشكل إرثاً عالمياً وإحدى أكبر المحميات الطبيعية على مستوى العالم. وتقول الأسطورة إنها البقعة الوحيدة على الأرض التي لم يغمرها الطوفان.
إنها سقطرى الجزيرة اليمنية الواقعة في قلب المحيط الهندي على بعد حوالى 380 كيلومترا من البر اليمني. وهي عبارة عن أرخبيل مكون من ست جزر قبالة سواحل القرن الأفريقي، ويشمل الأرخبيل جزيرة رئيسة هي “سقطرى”، وثلاث جزر أخرى هي: درسة وسمحة وعبدالكوري فضلا عن جزيرتين صخريتين أخريين ويتمتع هذا الأرخبيل بأهمية استراتيجية كبيرة نظرا لموقعه في قلب المحيط. لكن أهمية سقطرى الكبيرة تتمثل في كونها واحدة من أكبر المحميات الطبيعية في العالم. غير أن السؤال الكبير الذي يواجه هذه المحمية الطبيعية النادرة اليوم هو: من سيحميها من الإمارات..؟
كانت سقطرى من أوائل الجزر والمناطق اليمنية التي وصلت اليها القوات الاماراتية وبدأت فرض سيطرتها عليها بعد انطلاق عاصفة الحزم مطلع 2015. ومنذ مطلع 2016، بدأت معلومات تتسرب حول أعمال عبث ونهب تتعرض لها الجزيرة وكانت الأصابع تشير على الدوام الى الامارات. المعلومات تحدثت عن عمليات نهب ونقل للنباتات والطيور والحيوانات النادرة على مستوى العالم، حيث يتم أخذها ونقلها إلى حدائق الإمارات. وقد تداول ناشطون يمنيون في صفحات وسائل التواصل الاجتماعي قبل عدة أشهر صورا قالوا إنها لأشجار نادرة في حدائق دبي تم نقلها من سقطرى.
و قبل ذلك، في مايو 2016 نشرت صحيفة الاتحاد الاماراتية صورا لطيور سقطرية نادرة في جزر أبوظبي ولم تتحرج الصحيفة الإماراتية الرسمية من القول إنها طيور سقطرية نادرة.
و لم يقتصر الأمر على النباتات والطيور والحيوانات النادرة، بل وصل الأمر الى ما تحويه شواطئ الجزيرة من كنوز حيوية نادرة، حيث تتهم الامارات أيضا بنهب الشعب المرجانية النادرة.
هل قلنا إن سقطرى تتمتع أيضاً بشعب مرجانية وبيئة بحرية نادرة أيضاً..؟ حتى هذه الشعب المرجانية وصلت لها يد الإمارات..! وهناك وثيقة (مرفقة هنا) عبارة عن رسالة موجهة من وكيل محافظة سقطرى لشؤون البيئة والتنمية الى محافظ سقطرى الحالي في أبريل الماضي يطلعه فيها بأنه قد تم البت في عدم تصدير الشعب المرجانية من الجزيرة ويطلب منه اغلاق هذا الملف نهائيا لما يشكله من تهديد وتدمير للبيئة البحرية.
تمتلك الإمارات سمعة سيئة للغاية في تدمير البيئة البحرية في شواطئ الإمارات نفسها، حيث تم ردم مساحات كبيرة من شواطئ دبي مثلا من أجل تشييد البناء فيها. وإذا كانت الإمارات لم تبال ببيئتها البحرية، فهل ستكترث بالبيئة البحرية الخاصة بسقطرى..؟
غير أن بيئة سقطرى ليست بيئة دبي، إنها بيئة نادرة على مستوى العالم، ولذا فإن العبث بها وتدميرها يمثل عبثا وتدميراً لواحدة من أندر البيئات والكائنات البحرية على كوكب الأرض. هذه ليست خسارة يمنية فقط. إنها خسارة عالمية.
لكن الإمارات كما يبدو لا تكترث بما ستتكبده سقطرى والعالم من ورائها من خسارات جراء تصرفاتها وممارساتها في الجزيرة، وهي كما يبدو عازمة على استنزاف سقطرى ونهب كل ما تطاله يدها من نوادر هذه الجزيرة حتى الأحجار.
حتى أحجار سقطرى لم تنج من هذا العبث والنهب، حيث يتم تصديرها الى الامارات أيضا. وهناك وثيقة (مرفقة هنا) عبارة عن رسالة موجهة بهذا الخصوص من وكيل محافظة سقطرى للبيئة والتنمية الى قائد النقطة البحرية في يونيو 2016 يحمله فيها مسؤولية قيامه بالسماح وحماية تصدير أحجار سقطرى بمخالفة للقانون وبدون توجيهات.
و كان نائب الرئيس اليمني رئيس الحكومة السابق خالد بحاح، الذي تربطه علاقات وثيقة بالامارات، قد وقع مع الأخيرة في مارس 2016 اتفاقية لإعمار وتنمية “سقطرى”، وهو ما دفع الحكومة في مايو من العام نفسه الى إصدار قرار (مرفق هنا) يقضي بوقف التصرف في الأراضي والشواطئ، وهو القرار الذي اعتبر ردا على تلك الاتفاقية ويهدف لمراجعتها ولاسيما بعد قيام رجال أعمال إماراتيين بحجز مناطق واسعة في شواطئ الجزيرة وشراء مساحات واسعة فيها.
و يقوم إماراتيون بشراء أراض في سقطرى بوثائق شراء من مواطني سقطرى (إحداها مرفقة هنا). لكن الأمر لم يقتصر على هذا، بل قام إماراتيون بالاستيلاء على أراض وشواطئ عامة تقع في نطاق المناطق المحمية التي يمنع القانون البناء فيها وشرعوا في البناء فيها بالتنسيق مع مسؤولين ونافذين في الجزيرة، وهو ما دفع عددا من وكلاء محافظة سقطرى الى توجيه رسالة في يوليو الماضي الى رئيس الوزراء أحمد بن دغر يعلنون فيها إخلاء مسؤوليتهم من العبث الذي يقوم به المحافظ بالأراضي والمصالح العامة في الجزيرة.
و كان وزير السياحة السابق معمر الإرياني قال إن مجلس الوزراء في حكومة رئيس الوزراء الأسبق محمد سالم باسندوه اتخذ قرارا سابقا بمنع البيع أو التصرف بأراضي “سقطرى” وإن هذا القرار ما زال ساريا، وإن أي عملية بيع أو شراء للأراضي في “سقطرى” خصوصا في المناطق السياحية والمحميات الطبيعية والمناطق المطلة على السواحل، يُعتبر لاغيا بحكم القانون. وأضاف أن “أي عملية بناء تتم سوف يتم التعامل معها بحزم وصرامة خلال الفترة القادمة” مطالبا السلطة المحلية باتخاذ الإجراءات اللازمة لإيقاف هذا العبث والتصرف الذي سيؤدي إلى تدمير خصوصية الجزيرة.
سقطرى التي تقول الأسطورة إنها البقعة الوحيدة في الأرض التي نجت من الطوفان ونجت على مر عشرات الآلاف من السنين من مختلف الأعاصير والكوارث الطبيعية المدمرة (كان آخرهم اعصارا تشابالا وميغ اللذان ضرباها مؤخرا) لابد أنها ستنجو من إعصار دولة مستحدثة كالإمارات. لكن التاريخ يعلمنا كل يوم أن ما يقترفه البشر من كوارث في حق الطبيعة يتجاوز كل كوارث الطبيعة.
و في نهاية المطاف لابد من التأكيد على أن كل ما ذكر هنا لا يمثل سوى رأس جبل جليد العبث الإماراتي بأرخبيل سقطرى.
سقطرى التي تعد أغرب جزيرة على الأرض وتوصف بجوهرة التراث العالمي ليست كنزاً حيوياً يمنياً فقط بل كنزاً حيوياً عالمياً. والعبث بها لا يمثل خسارة لليمن فقط بل خسارة للعالم أجمع.
إن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية كل ما يحدث في سقطرى، وهو مطالب بوضع حد لهذا العبث والتدمير الذي تتعرض له سقطرى لاسيما وأن التدخل الاماراتي في هذه الجوهرة العالمية وعموم اليمن يحدث تحت مظلته وبموافقة ومباركة الأمم المتحدة.
كتب : نبيل سبيع
المزيد في هذا القسم:
- الجزر اليمنية ضمن مخطط العدوان السعودي الامريكي وخارطة الأمم المتحدة مصممة لحماية أمن ال... المرصاد نت - أنس القباطي تحاول السعودية وعبر اللجنة الرباعية والمبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ تمرير تعديلات في خارطة الطريق بما يحقق للسعودية تأمين حدودها الج...
- أبو ظبي ومعركة الحديدة: من الغرور إلى التباكي الإنساني المرصاد نت - لقمان عبدالله اعتمدت الجهود السياسية والدبلوماسية الإماراتية قبل بدء هجوم الحديدة وأثناءه، على السقوف المرتفعة بأسلوب دعائي وتظاهر بالتذاكي مشفوع...
- فورين بوليسي: جنون العظمة يورط آل سعود وعليهم إنهاء الحرب في اليمن المرصاد نت - متابعات كتبت صحيفة فورن بوليسي في عددها الصادر يوم ٢٠ اكتوبر مقال عن كيف يتم انهاء جنون العظمة لدى السعودي وايقاف حربها المجنونة . وكانت...
- عدد ضحايا الحرب ضد اليمن يصل إلى أكثر من 60,000 شهيد ! المرصاد نت - متابعات كشف تقرير حديث عن ارتفاع عدد الضحايا في اليمن بسبب العنف الذي يمارسه تحالف العدوان السعودي للمرة الأولى إلى أكثر من 3000 شهيد في شهر نوفم...
- «اللجنـة المشتركـة» تتبـادل الإتهامـات والإمـارات تصعّـد عسكريـاً فـي الحديـدة! المرصاد نت - متابعات تأجل تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق إعادة الانتشار بمدينة الحديدة اليمنية بسبب تعنت تحالف العدوان السعودي ومرتزقته حيث صعدوا بشن زحوفات عش...
- المبعوث الأممي يغادر عدن بلا نتائج المرصاد نت - متابعات لم يكد المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث يحطّ في مدينة عدن (جنوباً) حتى غادرها بعد لقاء سريع مع هادي. سرعة قرأ فيها مراقبون مؤشراً سل...
- الأزمات الدولية : الحرب على اليمن شهدت ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية! المرصاد نت - متابعات الحرب على اليمن شهدت ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وخلقت كوارث إنسانية وتسببت في انتشار الأمراض والمجاعة والفقر بين ملايين اليمنيي...
- وقفة لأطفال اليمن أمام مبنى الأمم المتحدة بصنعاء المرصاد نت - صنعاء نظم الاتحاد العام لأطفال اليمن اليوم الخميس مسيرة جماهيرية ووقفة احتجاجية أمام مقر الأمم المتحدة بالعاصمة صنعاء تنديدا بسحب قرار إدانة ا...
- الوفد الوطني يقدم اعتراضه على بيانات ولد الشيخ التي لم يتم التوافق عليها المرصاد نت - متابعات قدم الوفد الوطني في جلسة المشاورات الصباحية اليوم الأحد اعتراضه واستياءه الشديد بخصوص البيانات والإحاطات التي تصدر عن المبعوث الأممي إ...
- إطلاق متّهمين بـ«جريمة النهدين»: سحابة عابرة بين المؤتمر وأنصار الله! المرصاد نت - متابعات على رغم الخلاف الذي فجّره الإفراج عن خمسة متهمين في جريمة مسجد النهدين التي استهدفت في الثالث من حزيران/ يونيو 2011 الرئيس الراحل علي عبد...