المرصاد نت - إبراهيم الأمين
قُطع أمس الشك حول مصير الرئيس سعد الحريري حيث قالت مصادر وثيقة الصلة برئيس الحكومة انه وُضع قيد الاقامة الجبرية بعد ساعات من وصوله الى الرياض الجمعة الماضي.
وهو لا يزال، حتى الساعة موجوداً في مكان منفصل عن مكان إقامة عائلته فيما يتولّى فريق امني سعودي الاشراف على أمنه كما هي حال الامراء والوزراء السعوديين الموقوفين.
وروت المصادر ان الحريري بُعيد وصوله الى الرياض، طلب منه التوجه الى مجمع «ريتز كارلتون» الفندقي لعقد اجتماعات تمهيداً لانتقاله الى قصر اليمامة للقاء الملك سلمان. ولدى وصوله الى الفندق فوجئ باجراءات أمنية استثنائية ليدرك بعد دقائق انه بات بحكم الموقوف. وتم نقله الى احدى الفيلات التابعة للمجمع وليس الى الفندق حيث احتجز نحو 49 أميراً ووزيراً ورجل اعمال سعودياً. وكان هؤلاء أيضاً استُدعوا الى الرياض على وجه السرعة لعقد «لقاءات عمل» مع الملك وولي العهد ليتم توقيفهم رهن تحقيقات تتعلق بتهم الفساد.
وبحسب المصادر فان الجهات الامنية السعودية صادرت الهواتف الموجودة في حوزة الحريري وفريقه الامني. وتم تخيير أعضاء الفريق الامني إن كانوا يريدون المغادرة الى بيروت وانه في هذه الحالة لن يكون بمقدور من يغادر المجمع ان يعود اليه مجدداً. وبناء على طلب الحريري انتقل اربعة من مرافقيه بقيادة الضابط محمد دياب الى منزله للبقاء مع زوجته وأولاده فيما بقي مع الحريري في الفيلا نفسها رئيس حرسه عبد العرب وأحد مساعديه الشخصيين.
وأُبلغ الجميع بقواعد الاقامة لناحية عدم التحرك داخل الفندق وعدم التواصل مع الامنيين والموظفين، وتم ربطهم بضابط أمن سعودي في مكتب قريب حيث يمكنهم التوجه مرات عدة في اليوم لتفقد هواتفهم على ان ينحصر استعمالها في الرد على الرسائل التي تردهم عبر تطبيقات كـ«واتساب» وخلافه وسمح لهم باجراء اتصالات هاتفية على ألا تشمل اي نقاش حول مكان اقامتهم وظروفها تحت طائلة الحرمان من التواصل مرة جديدة.
وبعد لقاء مع مسؤول امني سعودي بارز ولقاء آخر مع الوزير ثامر السبهان سُلّم الحريري بيان الاستقالة الذي جاء مكتوبا من الديوان الملكي وسمح له بمراجعته مرتين قبل التسجيل مع التشديد على انه لا يمكن له الاتصال مع احد لشرح خلفيات الخطوة. وأبلغ السبهان الحريري انه سيتولى شرح الموقف لمن يهمه الامر في بيروت وانه يجب التشديد على مساعدي رئيس الحكومة بأنه ممنوع عليهم القدوم الى الرياض الآن وهو ما تولاه الحريري شخصياً في رسائل عدة الى مدير مكتبه نادر الحريري وبعض المسؤولين في تيار المستقبل.
بعد ذلك أُبلغ الحريري بأنه سيخضع لتحقيق بصفة شاهد بوصفه مواطناً سعودياً لا رئيسا لحكومة لبنان وسُئل عن ملفات تعود الى حقبة تولي خالد التويجري منصب رئيس الديوان الملكي خلال ولاية الملك السابق عبد الله. ورغم ان الحريري كرر ما سبق ان قاله قبل شهور عدة حول هذه الملفات وخصوصاً في ما يتعلق بشبهة حصوله على عمولات تتعلق بالهبة الملكية للبنان والمقدرة بمليار دولار اميركي او بعقود حصلت عليها شركة «سعودي اوجيه» من دون أن تلتزم بمواعيد انجاز الاعمال اضافة الى مصير قروض مصرفية كبيرة. كما كرر الحريري الاشارة الى ان كل ممتلكاته في السعودية مرهونة للمصارف السعودية وانه لا يملك الا منزله.
وبعد رفض طلب الحريري عقد مؤتمر صحافي او السفر خارج السعودية أُبلغ مرافقوه الذين انتقلوا الى منزل عائلته بضرورة حسم قرارهم بالبقاء او السفر الى لبنان وبالفعل عاد بعضهم أمس ورغم ان الجميع في بيروت اصيب بالذهول اثر اذاعة الحريري لبيان استقالته الا ان الاتصالات التي جرت خلال الساعات الـ 24 التالية دفعت بالقريبين منه الى اثارة الامر مع جهات محلية وخارجية.
وكان التوافق على التصرف بهدوء ومحاولة تأمين خروج آمن ولائق لرئيس الحكومة من السعودية وهو امر حاول الرئيسان ميشال عون ونبيه بري القيام به من خلال التوسط مع مصر والاردن لكن من دون نتيجة. كما تولى النائب وليد جنبلاط وساطة مع السلطات الفرنسية والبريطانية انتهت الى الفشل ايضاً. حتى ان لندن فشلت في الحصول على اذن لأحد دبلوماسييها في الرياض بمقابلة الحريري في مقر اقامته، فيما رفض الاميركيون التدخل أساساً.
وليل امس علم ان الوساطة الفرنسية فشلت وأن ولي العهد السعودي اصر على ان الحريري لا يمكنه مغادرة الرياض من دون تعهد بعدم تغيير موقفه وجرى الحديث عن ابقاء عائلته في الرياض كرهينة لمنعه من اعلان اي موقف سياسي مغاير لما اعلنه في بيان الاستقالة فيما لم يتلقّ مساعدو الحريري في بيروت اي اشارات ايجابية حتى ما بعد منتصف الليل. علما ان فريقه في بيروت كان منشغلاً في ضبط تصرفات وتصريحات فريق اعلامي وسياسي ونيابي، تبين أن السبهان يتولى تحريضه على إطلاق تصريحات تنفي اعتقال الحريري وتؤكد على مضمون بيان استقالته. وكان لافتا ان النائب جنبلاط لم يحصل على اية تطمينات استثنائية من جانب السبهان الذي يتواصل معه عبر الوزير وائل ابو فاعور.
وتوقفت المصادر عند خبر استقبال الملك سلمان للحريري في قصر اليمامة امس مشيرة الى ان الحريري نقل بحراسة امنية الى القصر وان الهدف من الاجتماع كان ارسال اشارة بأنه ليس من ضمن قائمة الموقوفين بتهم الفساد الذين لن يستقبلهم الملك ولا ولي عهده وانه سيصار الى تسوية وضعه ربطاً بامور تخص ملفات سعودية داخلية وبما خص ملف لبنان مع الاشارة الى ان المقربين من الحريري يعتقدون ان موقف الرئيس عون ومواقف القيادات اللبنانية بعدم قبول الاستقالة الى جانب الوساطات العربية والغربية، ستجبر السعودية على السماح له بالمغادرة سواء الى فرنسا او الى لبنان.
في هذه الاثناء كانت بيروت تتلقى صدى الانباء المتقطعة من الرياض وعلى المحور الرسمي عقد الرئيسان عون وبري اجتماعا في القصر الجمهوري انتهى الى التوافق على اعتبار الاستقالة غير تامة الى حين عودة الحريري الى بيروت وتم الاتفاق على تأخير البت في الاجراءات الدستورية الى اطول فترة ممكنة وافساح المجال امام الاتصالات الهادفة الى «تحرير رئيس وزراء لبناني قيد الاعتقال في بلد خارجي» بحسب مصدر رسمي واسع الاطلاع قال ان «الامر بسيط للغاية: فلتترك السعودية الحريري يغادر الرياض الى اي مكان يريده حتى يجري التثبت من انه قرر من تلقاء نفسه الاستقالة والخروج من التسوية التي حملته الى رئاسة الحكومة».
وجدد المصدر «الثقة بأن الرياض لن تقدر على ابقاء الحريري قيد الاقامة الجبرية لفترة طويلة، وانها مضطرة للافراج عنه لكن المشكلة هي في نوعية القيود التي ستحاول فرضها عليه». وأبدى خشيته من ان تكون الرياض قد قررت تشكيل قوة خاصة بها داخل تيار المستقبل، وهو ما تظهر مؤشراته في تواصل سعودي مباشر مع سياسيين واعلاميين ونشطاء في التيار. الامر الذي لم تنفه مصادر بيت الوسط التي عملت على محاولة لجم البعض عن اطلاق مواقف تصعيدية.
وعلم ان رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي توافقا على عدم نقل المواجهة إلى الداخل، والعمل على احتضان تيّار المستقبل وقياداته الأساسية، والاستمرار في الضغط الدولي لمعرفة مصير الحريري. كما تقرر ان يبادر الرئيس عون اليوم الى التشاور مع رؤساء الجمهورية ورؤساء الحكومات السابقين ورؤساء الكتل الممثّلة في الحوار للوقوف على رأي الجميع وليس للبدء بالاستشارات الحكومية، لأن استقالة الحريري حتى الآن لم تثبت قبل أن يسمع عون منه ذلك شخصياً.
على صعيد اخر، اظهرت تطورات الامس ان منسوب القلق الذي يسود لبنان منذ السبت الماضي قد تراجع كثيرا واشادت قيادات في تيار المستقبل بمواقف الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وعدم انجراره الى التصعيد. كما لفتت تقارير امنية الى عدم وجود مناخات شعبية للقيام بتحركات تحاكي التصعيد السعودي ضد لبنان وحكومته وضد حزب الله.
القلق والارباك انعكسا على دار الفتوى التي اريد لها ان تلعب دورا خاصا في هذه الفترة. ونقل زوار المفتي عبد اللطيف دريان عنه ان لم يلمس استعدادا كافيا لعقد اجتماع عاجل للقيادات السنية وان تيار المستقبل يهتم بعودة الرئيس الحريري قبل كل شيء. علما ان دريان سمع من الرئيس نجيب ميقاتي اقتراحا بأن تجري المطالبة بتشكيل حكومة حيادية لا تضم ممثلين عن الاحزاب السياسية في لبنان. وانه رشح مديرا عاما سابقا لرئاستها، الامر الذي لا يحظى بترحيب القوى الاخرى في البلاد.
المزيد في هذا القسم:
- "قمّة كوالالمبور".. زعامة السعودية تتآكل ! المرصاد نت - متابعات الهواجِس المُشترَكة، والتاريخ المُشترَك، ورغبة بالتكتّل في عالم التكتلات الاقتصادية، شكَّلت العناوين الكُبرى التي جمعت رؤساء كل من ماليزي...
- الإعلام العبري : المقاومة الفلسطينية أسرت مجندا إسرائيليا المرصاد نت - متابعات أعلن الإعلام العبري أن مجنداً إسرائيلياً يدعى فانتساب ديمتري تم أسره على يد المقاومة الفلسطينية بمدينة نابلس في الضفة الغربية دون أن يؤكد...
- غواصات نووية وسفن حربية روسية في طريقها إلى أوروبا المرصاد نت - متابعات سيعقد في 30 يوليو/ تموز في مدينة كرنشتات استعراض بحري عسكري للأسطول الروسي بحسب صحيفة "إزفيستيا" الروسية. وأفادت وكالة "eer" الروسية ب...
- روسيا تسلم إيران الشحنة الأولى من نظام الدفاع الجوي اس-300 متابعات : أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية حسين جابر أنصاري في مؤتمر صحفي اليوم الاثنين استلام بلاده الشحنة الأولىمن نظام الدفاع الجوي الروسي...
- النظام السعودي.. من المنع والصد عن المسجد الحرام إلى قتل أكثر من 7400 حاج المرصاد نت - متابعات النظام السعودي.. من المنع والصد عن المسجد الحرام إلى قتل أكثر من 7400 حاج .. مقدمات لهدم الكعبة وضريح الرسول والمسجد الأقصى .. لا يوجد...
- دحض ادّعاءات ابن فرحان: سيّاح إسرائيليّون في السعودية! المرصاد نت - متابعات نوّهت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس بـ«المعاملة الممتازة» التي تلقّاها سائح إسرائيلي في السعودية بعدما كشف هويّته للشرطة ما مَكّنه من دخول ا...
- تغيير وزاري في الحكومة الجزائرية يشمل 26 وزيراً بينهم رمطان لعمامرة! المرصاد نت - متابعات قالت وسائل إعلام جزائرية إن رئاسة الجمهورية أبلغت عدداً كبيراً من الوزراء في حكومة أحمد أويحيى بإنهاء مهامهم. وأكد مصدر مطلع في الجزائر ...
- تعثر تأليف الحكومة اللبنانية والرئيس عون يهدّد بـ«عزل» الحريري! المرصاد نت - متابعات لم تبصر الحكومة اللبنانية النور بعد على الرغم من مرور نحو 200 يوم على تكليف الرئيس سعد الحريري. فالتعثر في التأليف دفع رئيس الجمهورية ميش...
- السعودية تؤكد : سنطبع مع إسرائيل في نهاية المطاف المرصاد-متابعات قال وزير الخارجية السعودي “فيصل بن فرحان”، إن التطبيع مع دولة الاحتلال سيحدث في نهاية المطاف، في إطار خطة سلام فلسطينية إسرائيلية.جاء ذ...
- محاولات تغيير الواقع : انظمة النفط والغاز تصمد.. لغياب الشعب! المرصاد نت - متابعات لكأننا نعيش أحلامنا.. او اننا في الطريق إلى تحقيقها أن لم تلتهمها الكوابيس: ـ انتفاضة شعبية رائعة في لبنان تحتشد جماهير في مختلف ساحات ا...