المرصاد نت
على عكس ما حدث في 2011م من انتفاضات شعبية متلاحقة في عدد من الدول العربية، يبدو الصمت مخيما في غالبية عواصم المنطقة وهي ترقب ما يحدث في الجزائر والسودان من حراك شعبي يعتقد البعض أنه جاء متأخراً، وبعد أن وعى الناس الدرس وباتوا أكثر حرصا على الأمن والاستقرار بدل التعاطي مع حراك لا تحمد عواقبه.
ولا شك أن للحراك أو الربيع العربي سلبياته وإيجابياته، ومن المنطقي أن تتعلم الشعوب من الدروس، فلا تكرر أخطاء الماضي القريب أو البعيد، غير أن العبرة من درس الربيع لا ينبغي أن يكون حكرا على الشعوب والنخب السياسية المعارضة، إذ قبل ذلك يجب أن تفهم النخب السياسية الحاكمة أن الاستقرار تحت الاستبداد السياسي يظل مؤقتا ولا يمكن الرهان على ديمومته.
ثم أن الدرس الذي ينبغي تعلمه أيضاً أن الموقف من هذا الحراك أو ذاك يجب أن يستند إلى مبادئ وثوابت قوامها حق الشعوب في الحرية والديمقراطية وتداول السلطة، وهذا ما نفتقره في التعاطي السياسي والإعلامي مع الحراك الشعبي في السودان والجزائر حيث يحضر هاجس المؤامرة كمحدد للموقف من الحراك.
في 2011م رأينا كيف تبدلت المواقف تجاه "الربيع العربي" فمحور قطر _ تركيا والإخوان المسلمين اندفع بقوة لدعم الحراك في أكثر من دولة عربية. وحين وصلت رياح التغيير إلى البحرين تغير الموقف ودخل البعد الطائفي كعامل جديد.
محور المقاومة هو الآخر اندفع مؤيدا للحراك في تونس ومصر واليمن وأطلقت إيران عليه مصطلح "الصحوة الإسلامية" ولم يظهر الحديث عن "المؤامرة الخارجية" إلا بعد أن وصل الحراك إلى سوريا التي تعد أحد أهم الأضلاع في محور المواجهة مع الكيان الصهيوني.
صحيح أن المآلات فيما بعد كشفت عن فشل ذريع في معظم تجارب الربيع العربي إلا أن بقية الدول التي حافظت على استقرارها ليست بأحسن حالاً فقد تراجعت الحريات السياسية في العالم العربي على نحو مخيف كما أن النمو الاقتصادي هو الآخر لم يشهد قفزات توازي حجم التضحيات ما يجعل المواطن العربي في حيرة من أمره ولعل هذا ما يفسر صحوة السودان والجزائر مع تفاوت بين دوافع الحراك في الدولتين.
تعيش السودان أوضاعا غير مستقرة منذ عقود، وقبيل الربيع العربي انقسمت السودان إلى دولتين واحدة في الشمال وأخرى في الجنوب غير أن الدولتين لم تنعما بالاستقرار والرفاه بعد ثمان سنوات من الانفصال كما أن النظام العسكري الحاكم في السودان الشمالي منذ ثلاثين عاما ظل يلعب على حبل التوازنات الدولية مراهنا في البقاء على دوامة الصراع التي تعيشها دول الربيع العربي.
أما الجزائر فقد راهن حكامها على ذاكرة الشعب مع "العشرية السوداء" وبدل أن يبادلوا الشعب الوفاء فرضوا عليه ولاية رابعة للرئيس بوتفليقه، وقد أصبح عاجزا عن ممارسة السلطة ومخاطبة شعبه وجها لوجه، ثم تمادوا أكثر مع الإصرار على فرض "الولاية الخامسة".
لا شك أيضا أن هناك مؤامرة خارجية على الجزائر لكن يبدو لي أن عنصر المؤامرة كامن في الزمرة الحاكمة التي تعمل على فرض سيناريو العهدة الخامسة مع أن البدائل الأخرى متاحة جدا ومن داخل النظام نفسه.
كتب : أ . عبدالله علي صبري - رئيس اتحاد الإعلاميين اليمنيين
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
المزيد في هذا القسم:
- الرئيس هادي و دواعي تحييد الجيش في مواجهة " جماعة الحوثي " جدل كبير يدور حول موقف الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي تجاه الاحداث والمواجهات التي تشهدها المحافظات الشمالية في اليمن والتي وصلت الى المناطق القريبة من...
- الاقلمة خيانة وطنية صريحة.. بعد قراءة متأنية لوثيقة بن عمر وبعد متابعة لا باس بها لخطاب من يتبنونها وتداعي الحجج التي يبررون بها مشروع الفدرلة وتقسيم اليمن الى ستة اقاليم اصبحت على يقين ...
- مواساة وطن ! بقلم : محمد أحمد الحاكم المرصاد نت أكثر من عامين والعدوان يتلذذ بشهواته الإجرامية في طحن اليمن طحن الرحى .عدواناً لم يبقي على بساط الأرض دارً يستجار إليها إلا و نثر في الأرجاء ...
- إصطفاف أو إلتفاف بكل تأكيد برز انزعاج وتخبط حكومة الوفاق من جراء المسيرات التصعيدية الأخيرة الرافضة للجرعة مما جعلها تستخدم العديد من الوسائل المضادة لتلك المسيرات التي تصرخ لا ...
- التطمينات لوثيقة بن عمر لا تُطمئن هلل الموقعون على وثيقة بن عمر لما اعتبروه نصرا لمواقفهم، واستجابة لملاحظاتهم على وثيقة بن عمر، والذي تضمنه بيان هيئة رئاسة مؤتمر الحوار. وتفسير هذا التهليل وا...
- لا جنّة عدن للغزاة ! المرصاد نت الآن، وقد بات اللعب على المكشوف وكشفت أبوظبي عن أطماعها في اليمن ما عاد مقبولاً من أحد الزعم أن فزعتها كانت لدعم الحليف السعودي في حربه على الحوثيي...
- نحن “المرتزقة”؟ بقلم : عبد المنعم سليمان المرصاد نت انفطر قلبي وغالبت دموعي وشعرت ببكاء كل ذرة في كياني وانا أشاهد الصور التي نشرتها وسائل الإعلام اليمنية أمس وتُظهر جثث العشرات من الجنود السودانيين ...
- 11 فبراير خسرنا التغيير ولم نربح الديمقراطية ! المرصاد نت كان لابد من ثورة أو حركة 11 فبراير بغض النظر عن مآلاتها، وما نكابده تحت الحرب والعدوان وتجزئة البلاد وانهيار الاقتصاد وتردي حالة السلم الاجتماعي في...
- أطفال اليمن ! بقلم : د . عبدالعزيز صالح بن حبتور* المرصاد نت أرواح أطفال اليمن تطارد المشمولين في قائمة العار. صدر قرار الأمين العام للأمم المتحدة بإدراج التحالف العسكري بقيادة المملكة السعودية المعتدي على...
- يأهلنا في تعز الاصلاح ومليشياته تدمر تعز وتمزق نسيج المجتمع في التعايش ! بقلم : صلاح القر... المرصاد نت الاصلاح يرتكب خطاء كبير عندما يسمح بتدمير البيوت من قبل مليشياته في تعز على اساس طائفي وايضا يسمح بالسحل والصلب . الم يعمل حساب للاستثماراته الضخم...