المرصاد نت
مهما كانت المبررات التي تتخذها بعض النخب بشأن ما يحدث على أرض الواقع اليوم من انحطاط سياسي وإنساني تطور إلى انحطاط أخلاقي وممارسات مشينة مثل نكران الهوية والميول للتبعية والارتهان وتبني مشاريع صغيرة استعمارية وبث روح الكراهية والانتقام والعنصرية بشكل مقزز يخطر في البال سؤال تحيرني إجابته: هل ما يحدث غباء أم خيانة؟
دافع هذا السؤال المستفز أن النخب وبكل ما تشبّعت به من قيم ومبادئ وطنية وإنسانية وقرن من التاريخ النضالي بل قرون من نضال أمة عريقة، وقراءات من تاريخ الأمم ودروس وعبر... كيف تتخلى هذه النخب عن كل هذا الإرث؟ وكيف تركوا المعضلة الحقيقية ليدخلونا في جدل عقيم عن الهوية والمناطقية والطائفية؟ كيف تركوا منظومة الحكم والسلطة، واتجهوا نحو الصغائر، لتمزيق أواصر الأمة وشتاتها وإعادة إحياء النعرات واستدعاء ماضٍ سحيق من التخلف والجهل والعصبية ليشحن الجيل بالسلبية من كراهية وعنصرية وفئوية وغيرها من النعرات القاتلة لحياة الأمم.
هيأت تلك النخب العقيمة لعصابة مارقة في الشمال تدّعي الاصطفاء الإلهي وتحمل البندقية لتدمر أركان الجمهورية، وتجتاح المدن الحضرية وهي اليوم تهيئ لعصابات مارقة تنهش مشروع الدولة الاتحادية في الجنوب، وتحول مدنها الحضرية لبؤر تخلف وعصبية. كل ما نحن فيه من فشل تبعاته هي اختيارات ومواقف بعض النخب ضد مشروع الأمة، ضد الجمهورية والوحدة والديمقراطية والتعددية، وضد الإنسانية وقيمها ومبادئها إذ تحول البعض لمجرد طفيلي يقتات على أشلاء الضحايا وأطلال وطن في بلاط السلطان.
صفقوا للتوريث وحكم العسكر والعنف والمعارك الجانبية، ودعموا منظومة الفساد والاستبداد والطغيان وبرروا القهر والظلم والتعسف، بل دعموا أركان التخلف والعصبية، وساهموا في قتل روح المدنية، فهل كان باستطاعة جماعة مارقة متخلفة عصبية على رأس سلطة أن تنتج كل هذه الكوارث دون نخب تلمع صورتها وتبرر قذارتها؟ طبعا لا، إذ كان بإمكان النخب أن يكونوا في صف زملائهم الأحرار والشرفاء الذين ذاقوا مرارة مواقفهم من تلك النخب الفكرية والثقافية والأكاديمية الذين تحوّلوا لمخبرين.
هنا تجد الإجابة على أسئلة كثيرة، إذ لماذا لم يستطع الجنوب أن يكون مثالا حقيقيا للشعارات والهتافات التي رددت منذ سنوات، للدولة الحلم، والعدل والحرية والمواطنة؟ ولماذا أيضا يفشل مشروع الدولة الاتحادية ومخرجات الحوار الوطني التي احتوت تطلعات الناس وكانت قابلة لإصلاح ما فيها من خلل بطرق راقية؟ ولماذا أيضا يراهن الناس على العقلية العصبية والقروية القادمة من رحم المشكلة لتبحث عن انتقام وها هي تدمر الوطن شمالاً وجنوباً!
ولا تزال بعض النخب تغرّد من أوروبا وأميركا ترسل نعراتها وعصبيتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي على شكل مقالات ومنشورات، لتغذّي روح الكراهية والعنصرية بين الأمة وتدعم الشتات والتمزق والازدراء من الآخرين واتهامهم بشتى التهم بل ترسل فتاواها لتدمر الأواصر والقيم والمبادئ وتبرّر ما يحدث. والقبح في ذلك كله حجة التحرر والاستقلال التي ينادون بها وهي مجرد شعارات للتبعية والارتهان!
كتب : أحمد ناصر حميدان
المزيد في هذا القسم:
- عبد الملك المخلافي..«الرفيق» الذي غيّرت السعودية ملامحه ! بقلم : جمال جبران المرصاد نت قبل أربع سنوات قال عبد الملك المخلافي في حوارٍ صحافي: «لا يمكن لليمن أن يكون سعيداً وسعودياً في آن واحد». كانت نبرة التلميذ القديم ل...
- هرطقات الصحفي عبدالرحمن الراشد عندما يتخندق الصحافي في معسكر الولاء لولي النعمة او التعصب الأعمى لصالح من يسبغ عليه بالهدايا والعطايا يتحول الى مجرد بوق أجير يلبي رغبات غيره دون إعماله للعق...
- بؤس وشقاء الجنوب يتواصل ! بقلم : سامي عطا المرصاد نت من لا يدرك أن قضية بؤس الجنوبيين وشقاءهم بعد 1994 تأزرت في صناعته أطراف عديدة محلية وإقليمية وحتى دولية وإن كانت المسؤولية الأكبر تقع على عاتق نخبة ...
- من هم هؤلاء ! بقلم : عبدالله الدومري العامري المرصاد نت هذا هو حال لسان شعوب العالم اليوم بعد رؤيتهم للملايين في ميدان السبعين بعاصمة الصمود أسئلة كثيرة تجعلهم في حيرة من أمرهم يتساءل...
- عن الاصلاح أوقفوا مهزلة "العول" المهرجيين المرصاد نت لانريد ان نخوض في صحة مبررات ماحصل لتجمع الاصلاح وقياداته في عدن من عدمه بحسب خطاب قائد شرطة عدن / الوليد شلال , لكن الاكيد ان التجمع اليمني للاصلا...
- هل مايحدث في البحر الأحمر دعم لغزة ام إنقاذاً لإسرائيل ؟؟؟. كتب عبدالباسط الحبيشي كم أشعر بالخذلان والأسى عندما ينتابني إحساس كم هي شعوب الأرض مغيبة عن حقائق مايجري في هذا العالم ضد الإنسان حاضره ومستقبله وعلى رأسها شعوبنا العربية بما في ذلك ...
- التعصب.. الطريق الأقصر إلى الهاوية جاءت الأديان السماوية لتنقذ روح الإنسان من الوقوع في براثن الإثم والتعصب ولتمنعه من العدوان على نفسه أولاً وعلى الآخرين الذين يشاركونه العيش في أرض واحد...
- السعودية و رهاناتها الخمسة الخاسرة ! بقلم : الشيخ عبدالمنان السنبلي المرصاد نت لا أعتقد أن ثمة ورقةً لازالت في جعبة السعوديين يمكن أن يراهنوا عليها فيما يخص قضية الحسم العسكري للوضع في اليمن، فقد سقطت جميع الأوراق التي ظلوا ير...
- البكاء على (جمهورية) عمران ذلك ما صموا به اذاننا منذ سقوطهم في عاصمتهم التاريخية وهو سقو ط بمعنى التحرر الاجتماعي الشامل من قبضة الهؤلاء.و.من كون عمران وعاصمتها العصيمات شكلت بديلا مشائخي...
- سقوط داخل السقوط ! بقلم : أزال الجاوي المرصاد نت عندما قال انصارالله ان نزولهم الى الجنوب من اجل محاربة القاعدة وداعش جن جنون البعض وقالوا ان ذلك تدخل خارجي في شؤون الجنوب الداخلية وانه لايحق لانص...