المرصاد نت
لم تقم أيّ من دول الإسلام وسلطناته وممالكه وامبراطوريّاته بدء من الخلافة الراشدة مرورا بالأمويّين والعباسيّين والعثمانيّين وحتّى المماليك وباقي السلطنات والممالك حتّى العصر الحديث لم تقم مملكة ولا سلطنة على أساس تقاسم الحكم والدين بين أسرتين إحداهما تحكم والأخرى تتولّى شئون الدين والفتوى كما حدث بالنسبة لآل سعود وآل الشيخ محمّد عبدالوهاب النجدي.
هذه الدولة التي أوجدتها بريطانيا في قلب الجزيرة العربيّة لتتوصّل من خلالها إلى السيطرة على المركز الرياديّ الإسلاميّ المتمثل بالحرمين الشريفين.
وقد افتتن البعض من العلماء في مبدأ ظهورها بها، وكان الإمام محمّد بن إسماعيل الأمير من اليمن أوّل من امتدح النجدي بقصيدة شهيرة في ديوانه مطلعها:
سلامٌ على نجد ومن حلَّ في نجد
وإن كان تسليمي على البعد لا يجدي
وحين تبيّن له منهجه المنحرف من خلال شهود عيان بيّنوا له أنّه استحل دماء المسلمين وأعر اضهم.. رجع عن موقفه وقال قصيدته الأخرى:
رجعتُ عن القول الذي قلت في النجدي
وقد صحّ لي عنه خلاف الذي عندي
تاريخ هذه الدولة ومذهبها الوهّابي تاريخ دمويّ أعمل السيف بكلّ مخالفية بحجّة الإشراك بالله، وبلغ بهم الأمر أن سفكوا دم الحجيج في داخل الحرم المكّي.
بنت المملكة نفسها على أساس دينيّ منحرف وقطعت الوشائج مع المدارس الإسلاميّة المختلفة بما فيها السنة التي تدعي انتسابها إليها كالأزهر الشريف والقرويّين ومدارس زبيد وحضرموت في اليمن، وحوّلت الجميع إلى مشركين وقبوريّين وعبّاد أوثان، هكذا فعلوا مع كلّ المذاهب وكلّ طوائف التصوّف التي حفظت للمجتمعات الإسلاميّة إشراقها وتزكيتها وكذا الفرق الكلاميّة التي دافعت عن العقيدة.
أوجدت هذه الدولة لها دُور إفتاء وجامعات ومدارس تتقمّص منهج السلف ومنهج المحدثين ـ وهي منهما براء ـ وأنفقت على بناء المساجد والمراكز والمعاهد من أجل إخضاعها لمناهجها وتبعيّتها، وطبعت الكتب التي يقولون أنّها تنافح عن العقيدة حتّى بلغ بهم الأمر أن يستبعدوا آلاف بل عشرات الآلاف من الأحاديث بحجّة أنّها موضوعة وضعيفة ولا توافق أهواءهم، ناهيك عن مصنفات العلماء التي حرّموا قراءتها وحاربوها حيث كانت، فكلّما أراد عالم أن يجادلهم بحديث عن رسول الله ورد في كتب الحديث المشهورة قالوا له هذا لا يصحّ ولا يحتجّ به.
بهذا المنهج حاربوا المؤمنين منذ ظهورهم الأول قبل نحو قرنين ونصف، وواجههم المؤمنون حتّى استطاعوا أن يرسوا لهم دولة في جزيرة العرب بعون الصليبيّين البريطانيّين والأمريكان والصهيونيّة العالميّة وثروات المسلمين النفطيّة التي استخرجت من هذه البلاد.
توسّعت هذه السلطنة الصغيرة على حساب كلّ ما جاورها من ممالك وسلطنات، واستطاعت أن تحتلّ رقعة جغرافية كبيرة سمّيت بالمملكة العربيّة السعوديّة، وكان نصيبها من أرض اليمن وحدها بقدر مساحة ما كان يسمّى "الجمهورية العربيّة اليمنيّة".
في أواخر أغسطس الماضي اجتمع في مدينة جروزني في الشيشان أكثر من مائتي عالم من علماء أهل السنّة المسلمين من مختلف المدارس، وكان أبرز الحضور شيخ الأزهر الشريف ومن علماء اليمن الحبيب علي الجفري وعلماء من سائر العالم الإسلاميّ، وكان هذا المؤتمر يهدف إلى استبعاد وإدانة المنهج التكفيري من أهل السنّة والجماعة بعد أن أصبح هذا المذهب بدعم السعوديّة ونفطها هو المنهج المهيمن والذي استبعد وكفّر وشكّك بجميع الطوائف والمذاهب الأخرى.
كلّ الحروب التي تدور رحاها في المنطقة العربيّة كان وراءها المنهج التكفيريّ النجديّ من الشام إلى مصر إلى العراق وليبيا وليس أخيرا اليمن، ولعلّنا نعلم أنّ آخر استخدام لهذه الورقة الرخيصة كان في بلادنا اليمن، فقد خيضت الحرب ضدّ ما يسمونهم الروافض والمجوس والفرس، ويبدو أنّ هذا الاستخدام سيكون نهاية استخدام هذه اللعبة القذرة التي مزّق بها العالم الإسلامي واشتعلت به الحروب.
لقد كانت ضربة جروزني قاضية لهذا المنهج التكفيريّ وسيكون مابعد جروزني شيء آخر غير ما قبله وسيعود للإسلام نقاءه وصفاءه بإذن الله وسينكسر قرن الشيطان.
المزيد في هذا القسم:
- إما أميركا… وإما القدس! بقلم : إبراهيم الأمين المرصاد نت ما فعله دونالد ترامب أمس قد يكون الفرصة الأنسب لتثبيت الموقف من أصل المشروع الاستعماري الاستيطاني الذي يحمل اسم «إسرائيل». أميركا التي ع...
- حرب مفتوحة ضد (القاعدة) من السذاجة والسطحية الاعتقاد بان اندحار الوجود العلني لتنظيم القاعدة السلفي التكفيري المتطرف الارهابي في مناطق وادي ضيقة / ابين و عزان / شبوة نهاية مطاف الحملة ...
- هل مايحدث في البحر الأحمر دعم لغزة ام إنقاذاً لإسرائيل ؟؟؟. كتب عبدالباسط الحبيشي كم أشعر بالخذلان والأسى عندما ينتابني إحساس كم هي شعوب الأرض مغيبة عن حقائق مايجري في هذا العالم ضد الإنسان حاضره ومستقبله وعلى رأسها شعوبنا العربية بما في ذلك ...
- دور عُمان في الصفقة .. ابتزاز لا وساطة ؟! كتب: عبدالجبار الحاج علينا أن نقر ونعترف بأن ملف الأسرى يعد واحدا من الملفات الشائكة الاكثر تعقيدا على طاولة التف...
- الطريق الى الكويت مسار منبطح تحت سقف سعود ! بقلم : عبدالجبار الحاج المرصاد نت سواء سافر الوفد ام لم يسافر ؟ اكان سفره الغد او بعد شهر ؟ وسواء حلق الطيران ام توقف؟مادامت الوان الحرب متعددة وقائمة وطعم المذلة بسلام الاستسلام...
- تحَطَمَ هُبل ومن بعدهِ فلوله الآن، والآن فقط يمكننا القول فعلاً بانه قد لاحت في الأفق بداية الثورة اليمنية، ويمكننا القول أيضاً بأن آفاق مستقبل واعد قد انبلج فجره عل...
- الجنوب اليمني والغيبوبة ! بقلم : د.حسـن علـي مجلـي* المرصاد نت الصورة التي رسمها في اذهان الكثيرين عدد كبير من قادة مراكز القوى المشائخية الإقطاعية والرأسمالية الطفيلية والأحزاب الرجعية التكفيرية، ومن ورائهم الم...
- هل تحركات ولد الشيخ جديه نحو الحل السياسي اليمني ؟ بقلم: جمال محمد الأشول المرصاد نت كما بات مسلماً به فرض انتصارات قوات الجيش واللجان الشعبية على تحالف العدوان الأمريكي السعودي ومرتزقتهم في مختلف الجبهات فضلاً عن التقدم المستمر وال...
- القانون ..! بقلم : بديع الزمان اليماني المرصاد نت يعدل المحامي دونوفان من جلسته ويسأل ضابط CIA اسمك هو هوفمان؟ أليس كذلك؟ يجيبه :نعم يقول له المحامي هوفمان تعني أن أصلك ألماني وانا د...
- كتبت: بنت الجزيرة العربية/ فلسطين قبلة على العالم ان يصمت للأبد. فلسطين انتصرت وقالت الكلمة الاخيرة: على العالم ان يخرس. فلسطين ترقص رقصة الإنتصار الاخيرة. فلسطين لم تنتصر بالمظاهرات ولا بالمقا...