ليست المرة الأولى التي يدعو فيها السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي إلى الشراكة، وتشكيل حكومة وطنية، وليست المرة الأخيرة التي سيتجاهل الحكام الحاليون دعوته تلك، لأنهم يظنون أن تجاهلهم لها سيبقيهم على كراسيهم يتفرعنون على الشعب ويستضعفونه.
فما دوافع الدعوة ودوافع التجاهل؟
في الحقيقة يجب أن نقرر ابتداءً أن الاشتراك مع هذا النوع من الحكام الفاشلين هو مغامرة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، لكنه يظل أحد خيارات قوى الشعب السلمية في مساعيها لحفظ الوطن وحماية أبنائه من مخاطر تستهدفه تتعاظم باضطراد.
وكما أن ذلك الاشتراك يعد مغامرة فإنه يعد أيضا تضحية كبيرة من تلك القوى، لأنها ستبذل جهودا مضاعفة حينذاك لتصويب المسار، وإصلاح ما أفسده الحكام، لكن الدافع هنا هو استشعار المسئولية الدينية والوطنية، وليس اللهث وراء السلطة والحكم، كما هو تفكير الحكام الحاليين الذين لا ينظرون إلى السلطة كمسئولية لها أسس دينية أو أخلاقية أو قانونية، إنما يرونها غاية دنيوية لا تفريط فيها، لكونهم عشاقا للسلطة والنفوذ والتجبر الفرعوني.
فأخطر الحكام هو ذلك الذي لا مكان للشعب في حساباته، لأنه لا تهمُه إلا مصالحَه فقط، وحين ذاك ستشهد بلاده مظالم عديدة، وستداهمها الأخطار من كل جانب، ويكون أبناء الشعب هم الضحية على الدوام، بسفك دمائهم، بشن الحروب عليهم، بإفقارهم وتجويعهم، بذبح أطفالهم واستحياء نسائهم، والعديد من الأساليب الفرعونية الطغيانية الطاغوتية..
إن حكام اليمن لم يكتفوا اليوم بالاستقواء على الشعب واستضعافه بأيديهم الظالمة، فاستعانوا على الشعب بالأجنبي، وفرطوا في السيادة الوطنية، وسمحوا ببناء القواعد الامريكية، والموانئ، وفتحوا الأبواب للطيران اليمني لقتل أبناء الشعب، ومهدوا لما يسمى تنظيم القاعدة، ثم أتوا بالوصاية الأجنبية تحت ما يسمونه الفصل السابع، وكل ذاك ليستمروا في الحكم، عشقاً للسلطة.
يفشلون وبلا خجل ويعترفون بفشلهم، فيبدون أكثر نهماً على احتكار الفشل بقدر حرصهم على احتكار السلطة، فالمعروف أو الطبيعي أن يتخلى الفاشل عن مسئوليته ليأتي من هو جدير بالعمل بدلا منه، لكن هذا يحتاج وازعا دينيا وخوفا من الله، وشجاعة أدبية..
أو أن يـُشرك الفاشل بجانبه بعض الناجحين القادرين على إنجاح العمل، حفظاً لماء وجهه، وليحسب نجاحهم له أيضاً، باعتبار تشاركه معهم، لكن الحكام ـ رغم اعترافهم بفشلهم الذريع ـ يبدون أكثر إصراراً على عدم التخلي عن الحكومة مطلقاً، ولا يقبلون أبداً إشراك ناجحين فيها !!..
فلماذا يحتكرون الفشل؟
تكمن إجابة السؤال في ما قاله السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي في خطابه اليوم من كون الحكام الحاليين لا يبالون بالشعب، ولا يكترثون لتقييم الشعب لأدائهم السلبي أو سخطه عليه.
فإذا كان الطبيعي أن يسعى الحاكم لكسب رضا شعبه كي يعيدوا انتخابه مجدداً، فحكام اليمن غير الطبيعيين لا يعبأون بذلك، لأنهم يحسبون أنهم سيفرضون أنفسهم حكاماً على الشعب من جديد عبر التزوير الانتخابي، وعبر تجاهل دعوات الشراكة الصادرة عن القوى الوطنية المعبرة عن الشعب، ظانين ـ إثماً ـ أن تلك القوى تعدم طرائق أخرى غير الشراكة لحماية الوطن والشعب، أو أنها ستقبل بالأمر الواقع الذي سيتم فرضه، ولعمري أنهم واهمون حالمون.
إذ يبدو حكام اليوم يعيشون حالة (محدث النعمة) إن صح التعبير، يعيشون لحظتهم المسروقة من الشعب الحر الأبي العزيز الكريم، وينتشون بها قدر إمكانهم، غير مستوعبين التغيرات الحادثة على الأرض، وغير مدركين تعاظم الحراك الشعبي الساخط عليهم، ولن يفيقوا من ذلك الحلم إلا على إثر صفعة شعبية قوية، تشبه ما حدث لحكم الإخوان في مصر، وما يوم الإخوان عنهم ببعيد..
المزيد في هذا القسم:
- لم يتبقى سوى الرقص على سقفِ الكعبة! المرصاد نت لم يتبقى سوى الرقص على سقفِ الكعبة! كتب : أ .عبدالباسط الحبيشي* عندما كان إعلاء منظومة القِيَم الإسلامية الحقة التي ترتقي بالإنسان وتعلو من...
- انتصرت غزة وهُزمت الدولة اللقيطة يخرجُ الكيان الصهيوني - وقد خسر الحرب في غزة - خسر اكثر حلفاءه التاريخيين - خسر ثلثي اقتصاده - خسر وحدته الداخلية - وخسر معادلة الردع العسكرية - خسر اثنان...
- الحديدة ... وطن في انتظارك ! بقلم : حميرالعزكي المرصاد نت في #الحديدة بحر هادر وحائر ، وموج هائج وقلق ، وشواطئ رحبة مضطربةفي الحديدة أمعاء خاوية و ههم سامية ، قلوب لينة ونفوس عصية ، أجساد سمراء ومشاعر غراء...
- البحث عن الماضي! المرصاد نت لاتوجد أمة في كل هذه المعمورة تبحث عن الماضي وتستدعيه إلا الشعب اليمني .يسير "اليمنيون" في طرقات متعددة باحثين عن الماضي ، الماضي الذي يمثل أشياء ك...
- فبراير.. ثورة كرامة وليست لعنة ! بقلم :أ.د حمود العودي المرصاد نت كثُر الجدل في الذكرى السابعة لهذه المناسبة بين مؤيد ومعارض ومدافع ومهاجم وأنا في هذه الرسالة بهذه المناسبة لا أتوجه للمؤيدين والمدافعين فأنا واحدٌ ...
- اليمن “مفترق طرق”! المرصاد نت كلهم لصوص يتاجرون بدماء وقوت ومعيشة المواطن لهم أكثر من أربع سنوات عجاف في حرب عبثية دمويه لهم فيها مكاسب ومغانم كثيرة بينما الشعب يعاني من الدمار ا...
- سكاكينُ المانحينَ و هذيان القتلة ! المرصاد نت كتب: عبدالجبارالحاج 1- لا أبشع من سكاكين القتلة الملطخة بدم الأطفال المعجون على الانقاض وعلى طاولة المؤتمرين علينا إلا صفاقة أصحاب ال...
- إقرار …تجارتي وحصادي ! بقلم : عبدالله المؤيد * المرصاد نت حاسبوني ان شئتم ,قاضوني في المحاكم ,خذوا مني ما شئتم ,نعم لقد اشتريت الاراضي بعشرات الآف الهكتارات لقد عمرت البلاد طولاً وعرضاً في اي رقعة شئت ,بكف...
- المثالثة: رئيس جنوبي وعاصمة شمالية ورئيس وزراء من تعز الاستقرار بحاجة الى توازن, وشعور بأن هناك توزيع عادل للسلطة بين مُختلف المناطق في اليمن, ومن هذا المنطلق أرى أنه بات لازماً اشراك المنطقة الوسطى والغربية في الس...
- عدن..بين رمضاء الصيف ونار الغزاة ! بقلم : محمد خالد عنتر المرصاد نت لا أدري أيهما أشد حرقةً .. رمضاء هذا الصيف المحاط بالعدوان والحصار .. أم نار العدوان والحصار في حرّ هذا الصيف..بالأمس عانت الحديدة ولا تزال اليو...