سياسة مزدوجة.. ما الذي تريده بريطانيا من اليمن؟

المرصاد نت - متابعات

برزت بريطانيا كلاعب فاعل في الملف اليمني منذ بداية العدوان والحرب على اليمن ومارست دورا وصف بـ"المزدوج" بالنظر إلى كثير من مواقفها المتناقضة فهي حيناً وقفت إلى جانب سلطة صنعاء وأحياناً Londaon3 3 .3.7أخرى تؤيد حكومة هادي في كثير من قراراتها. وكما هو ملاحظ فإن بريطانيا تتفق مع النظام السعودي الذي دخل في محادثات كثيرة غير معلنة مع سلطة صنعاء في بقاءها كقوة في الشمال وجزء من أي حل سياسي في اليمن.

 ومع تصاعد الأوضاع العسكرية ميدانياً أكد مؤخراً السفير البريطاني لدى اليمن مايكل آرون أن بلادنا بحاجة إلى اتفاق سياسي شامل لوقف الحرب في كل الجبهات وهو ما يحتاج إلى مفاوضات جدية بين الأطراف. وتولي بريطانياً اليمن اهتماماً بالغاً خاصةً فيما يتعلق بالسواحل اليمنية، فقد ظل جنوب اليمن مستعمرة خاضعة لسيطرتها منذ عام 1839م وحتى انطلاق ثورة 14 أكتوبر/تشرين الأول 1963م وجلاء آخر جندي بريطاني عام 1967م.

 في قراءته لطريقة تعاطي بريطانيا مع سلطة الأمر الواقع في صنعاء يفيد المحلل العسكري علي الذهب أن العلاقات الدولية لا تقوم على عواطف بل مصالح مشتركة معتبراً ما يُثار حول الانسجام بين الطرفين بأنه توصيف غير دقيق فما يجمعهما هو مصالح مشتركة.  وأوضح أنه طالما وأن الأطراف المتصارعه سيضمنون لأمريكا وبريطانيا مصالحهما فدون شك فإنهم سيحظون بدعم الدولتين لإرساء مشروع انفصالي كانت لندن هي الأساس الأول في تحقيقه على الأرض في اليمن منذ احتلالها عام 1839م فهي المنظر الأول لمنطقة الشرق الأوسط خاصة والخليج العربي والجزيرة العربية بحكم أنها كانت تسيطر على هذه المناطق سابقا.

 ومن هذا المنطلق كانت تلعب بريطانيا بالمتناقضات في المنطقة وجاءت أمريكا كوريث شرعي لها فسارت على نفس المسار ولكنها لم تغفل لندن كقوة لها سابق تجربة في المنطقة وفق الذهب. وتطرق إلى استغلال الحوثيين ورقة الإرهاب وظهورهم أمام الدول الأوربية بأنهم خصوم للإرهاب الذي تنامى في ظل ضعف الدولة اليمنية سواء بعد 2011 أو بعد 2014م وجاؤوا على تلك الموجة ورفعوا صوتهم دولياً بأنهم الجهة التي ستقمع داعش والقاعدة اللتين تمثلان العدو المشترك للغرب وتحديداً أمريكا وبريطانيا وفرنسا وغيرها ويقدمون أنفسهم بهذا الشكل لأنهم ملأوا الفجوة التي لم تستطع الدولة أن تجسرها.

 ويتوقع الذهب أن يعطي الحوثيون تعهدات فبريطانيا تعاملت سابقاً مع الإمام يحيى حميد الدين التي كانت تخوف الجنوبيين بنظام الشمال وبعد حدوث التحولات في المنطقة تحاول بريطانيا طمأنة السعوديين بأن الحوثيين يمكن أن يكونوا جيراناً مسالمين بضمانات وأنه في حال أعلنوا تمردهم سيلاقون ضرباً عنيفاً أو انهيار دولتهم. وأكد أنه لا يمكن بأي حال لأي قوة بالمنطقة أن تخالف الغرب واتجاهاته  فالدول تقوم على بناء هش سواء سياسي أو عسكري لأنها غير ملتحمة مع شعوبها ما يعني أن تدخل الدول الغربية فيها سهلاً ويمكن لتلك الأنظمة أن تنهار.

 وخلص بالقول: "هناك تخادم في المصالح ولا يوجد علاقات خاصة وأمريكا وبريطانيا تحاولان دعم الأقليات في المنطقة وتمزيقها إلى كانتونات صغيرة يسهل التأثير عليها والحصول على خيراتها، وهذا يدعم مشروع الاحتلال الصهيوني الذي أشرفت بريطانيا على تأسيسه وإقامته بالدولة الكائنة في هذا الوقت".

 واستبعد الذهب أن تكون سلطة صنعاء بعد الضرب الذي تعرضت له وتدمير مقدراتها قادرة خلال عشر سنوات -على سبيل المثال - على بناء دولة قادرة على تهديد دول الجوار أو السعودية بوصفهم دولة تمتلك جيشاً لأنها ستكون مسؤولة أمام الأمم المتحدة وسيُنظر لها كطرف تثير الشغب داخل الجزيرة العربية وهي مبررات تقولها بريطانيا للسعودية.

 ويذهب المحلل العسكري الذهب إلى القول بأن الصراع في اليمن يهدف إلى تفكيك اليمن إرساء الفيدرالية التي هي مشروع غربي؛ لكي يسهل على تلك الدول السيطرة على الثروات سيما في مناطق الجنوب لأنها مطلة على المحيط الهندي وباب المندب وخليج عدن وبحر العرب وهي مواقع إستراتيجية ترتبط بمصالح الغرب والدول الغنية بالنفط في المنطقة. وعن دور السعودية والإمارات أكد الذهب أنهما وكيلتان للقوى الكبرى ولهما مصالح تتعلق بالأمن القومي والنظم السياسية القائمة وما تواجهه من حراك شعبي مناوئ لها .

 وفي تقرير لمنظمة أوكسفام فقد بلغت قيمة الأسلحة التي باعتها بريطانيا لأعضاء في التحالف العسكري السعودي 6.2 مليار جنية إسترليني. وحظرت الحكومة البريطانية منتصف العام الماضي بيع أسلحة جديدة إلى تلك الدول بينها السعودية بعد أيام من قرار محكمة الاستئناف حول عدم مشروعية صفقات بيع السلاح إلى الرياض.

 ويبدو بالنسبة للمحلل السياسي ياسين التميني الدور البريطاني "ملتبسا" خاصة فيما يتعلق بأحداث الحديدة، فهي تسعى للحفاظ على حالة اللاسلم واللاحرب في المنطقة كوسيلة للحيلولة دون انهيار تفاهمات ستوكهولم. وقال في مقال له، إن لندن التي تمسك بالملف اليمني في الأمم المتحدة، وتقترح مشاريع القرارات والبيانات، تبدو أكثر قلقا من إمكانية سقوط مهمة المبعوث الدولي إلى اليمن البريطاني مارتن غريفيث وهذا الأمر يمكنه أن يحدث إذا ما انتهت تفاهمات ستوكهولم إلى الفشل.

 وأضاف أن بريطانيا متهمة بأنها تدعم الحرب السعودية على اليمن عبر الاستمرار في تنفيذ صفقات تسلُّح مربحة مع السعودية وفي الآن ذاته تستمر المنظمات البريطانية والصحافة في جلد الدور السعودي في اليمن. وتابع: "لقد عملت بريطانيا ما بوسعها وسعت لتصميم حلٍّ يُبقي جميع الأطراف المتصارعه دونما حاجة إلى الحسم العسكري". ومن غير المستبعد أن يتنامى دور بريطانيا في منطقة الشرق الأوسط ككل، خاصة بعد خروجها رسميا مطلع الشهر الجاري من الاتحاد الأوروبي.

المزيد في هذا القسم: