الرمال المتحركة ( الجيوسياسية ) اليمنية السعودية

ترتبط اليمن بالسعودية بروابط تتجاوز الجغرافيا والروابط الاجتماعية التاريخية الى علاقة تفاعلية تدخل في صلب الادارة السياسية ليس الاستراتيجيا azaaalفحسب بل حتى التفصيلية اليومية بشكل دقيق دقة شعرة معاوية في التعامل وهذا ماحافظ عليه السعوديين منذو تاسيس المملكة وتم تكريسه بتركيز وحرص اكثر بعد قيام ثورة ال26 من سبتمبر حتى معاهدة جدة عام 2000 م .
بعد حرب اهلية في شمال الوطن دامت لسبع سنوات توصل الجمهوريين والملكيين الى اتفاق شراكة برعاية المملكة العربية السعودية والتي ادركت بشكل قطعي ان مؤخرتها الحيوية لايمكن تركها دون رعاية حتى لايتم العبث فيها كما حدث اثناء مرحلة الحرب الاهلية ( الثورة ) وهذا ماجعلها تتبنى وترعى الطرفين الجمهوري والملكي في مرحلة مابعد الحرب واغداق العطايا والهبات والمرتبات والتي اصبحت ظاهرة للعيان ولم تعد سراً او من تحت الطاولة بل اصبحت حتى ميزانية الدولة بمجملها معتمدة اعتماد كلي على الشقيقة الكبرى .
كان من بين من يتم دعمهم كبار فقهاء المذهب الزيدي والذين اصطفوا في حينه مع الملكيين وكان من ضمنهم ال الحوثي الا انه وبعد الاتفاق بين الجمهوريين والملكيين تقلص ذلك الدعم عن الملكيين لصالح المشائخ الجمهوريين وعلى راسهم ال الاحمر .
كذلك حصل في الشطر الجنوبي من الوطن حيث تبنت المملكة العربية السعودية السلاطيين الفاريين اليها وكذلك المعارضة الجنوبية التي كانت تنتج من بعد كل صراع سياسي الى حرب صيف 1994 حيث فر غالبية الكادر الجنوبي وقامت المملكة بتبنيهم والصرف عليهم لتصبح كل مفاتيح الواجهات السياسية والاجتماعية بل مفاتيح كل اليمن بايدي السعودية حصرياً .
في تلك الفترة ظل موضوع الحدود اليمنية السعودية دون حل مع توسع دائم للمملكة على حساب السيادة اليمنية حتى العام 2000 م تم حسم موضوع الحدود وترسيمها وكان من اهم نتائج ذلك الاتفاق ان تخلت السعودية على كل من كانت تدعمهم باستثناء كبار رجالات النظام تماماً كما تخلت على فقهاء المذهب الزيدي من قبل وهذا مافسح المجال لدول اخرى في الاقليم لتلعب دوراً في مابعد في المحيط الجغرافي اليمني ذو التعقيدات المتراكمة خلال فترة الخمسة عقود الاخيرة والذي يحمل في طياته ايضاً ابعاد تاريخية .
كان من اهم نتائج تخلي السعودية عودة مئات الكوادر الجنوبية التي كانت قد فرت خارج الوطن لتساهم وتدفع في عجلت الحراك وبحكم التعبئة نحو الانفصال من العام 94 الة العام 2000 من خلال ماكان يسمى ب ( موج) ارتفع سقف الحراك نحو الانفصال وكان لتلك الكوادر التي نزحت في العام 94 دور محوري فاعل في ذلك .
في الضفة الاخرى اي في الشمال كان التململ الزيدي قد بلغ مداه وترجم ذلك من خلال حروب صعده التي بدات تتوسع رقعتها لتطل براسها الى خارج صعدة ونحو بقية المحافظات ذات المذهب الزيدية .
الا ان النتيجة الاهم كانت السير بعملية التوريث بعد ان ضمن النظام الشقيقة الكبرى وهذا ماجعل بعض اقطاب النظام نفسه وبالتحديد ال الاحمر يشعرون بالغضب والخوف على مستقبلهم كقطب حاكم اساسي في المعادلة السياسية منذو عقود خاصة مع تقلص الدعم السياسي وربما المالي السعودي لهم بعد وفاة الشيخ عبدالله الاحمر مما جعل الابناء يفتحون اذرعتهم للحفاظ على المعادلة السابقة تارة لليبيا وتارة اخرى لدولة قطر دون ان يغلقون الباب مع الشقيقة الكبرى الى ان بداء مايسمى بالربيع العربي .
لايخفى على احد ان تركيبة التجمع اليمني للاصلاح تظم فرقاء يجمعهم هدف واحد هو الشراكة في السلطة ودعمها منذو التاسيس فقد قام التجمع للاصلاح على فسيفساء غريبة متباعدة جذرياً عن بعضها البعض فقد تكون الاصلاح من تجمع القبائل وعلى راسها حاشد والجمع بين القبائل في اليمن موضوع شائك ذو شجون والمجموعة الثانية كانت العسكر وقد غلب جانب ضباط الامن على ضباط الجيش الذين احتفظوا بولاء مزدوج بين الرئيس والتجمع والمجموعة الثالثة هي الدينية ورغم انها في الاساس اخوان مسلمين الا ان طابع السلفية التي ترتبط بمشائخ السعودية كان غالباً على ارتباطها بحركة الاخوان المسلمين العالمية وقد تجلى ذلك الارتباط بصورة واضحة في فترة حرب الاتحاد السوفيتي في افغانستان , حتى ثورات الربيع العربي حصل تحول ماء لم يحسم اموره بشكل قطعي لصالح حركة الاخوان العالمية وبقي مرتبط الى حد كبير بالسعودية وما حرب ال الاحمر التي قادها حسين في عمران وارتباطها بالتشكيلات السلفية الا خير شاهد على ذلك .
يعتقد الكثيرين ان هزائم الاصلاح الاخيرة على يد انصارالله ( الحوثين ) في عمران وغيرها هو ناتج عن ضوء اخضر سعودي في اطار حربها على الاخوان المسلمين بينما يقول الواقع على الارض غير ذلك فالذي هزم على الارض هو التيار القبلي وكذا العسكري وهما الحلفاء التقليدين الدائمين للمملكة في الوقت الذي لم يمس فيه التيار الديني في الاصلاح عموماً وبشكل اخص تيار الاخوان المسلمين وهذا يفسر ايضاً الخبر الذي تداولته كثير من المواقع الاخبارية حول وساطة سعودية لخلق اواعادة التحالف بين المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للاصلاح بل ان بعض الصحف الشبه رسمية كالشرق الاوسط بقلم رئيس تحريرها عبدالرحمن الراشد ذهب الى ابعد من ذلك بكثير ليفسر لنا طبيعة ذلك المسعى لاعادة التحالف بين المؤتمر والاصلاح لمواجهة ليس انصارالله الحوثين فقط بل وايضاً الرئيس هادي وابنائه والذي لم يكن ذي ارتباط بالمملكة في مختلف الحقب المعاصرة .
يبدو ان المملكة السعودية ادركت مؤخراً فداحة تخليها عن حلفائها السياسيين وكذا الوجاهات الاجتماعية في سبيل كعكة ترسيم الحدود وما نتج عن ذلك من وقائع على الارض اصبحت فيه المملكة احد اللاعبين بعد ان كانت اللاعب الوحيد والحصري في اليمن بيد ان ذلك الادراك المتاخر والمحاولة باعادة الامساك بالخيوط كلها قد يعيد الامور كلها الى ماقبل اتفاقية ترسيم الحدود في عام 2000م خاصة ان المملكة خلال السنوات القليلة القادمة ستكون مشغولة بترتيب وضعها الداخلي في ظل مايعتمل داخل الاسرة الحاكمة نفسها , ومن ناحية اخرى اصبحت اقدام اللاعبين الاقليميين والدولين اكثر ثبات ورسوخ وبعضهم له مصلحة مباشرة في تحرك الرمال الجيوسياسية المتحركة اصلاً خاصة ان اخذنا بعين الاعتبار اللعب على وتر المذهبية والتي تلعب عليه السعودية وغيرها من دول الاقليم .
ان النتيجة الاهم في اتفاقية ترسيم الحدود 2000 م والتي لم تكن مقصودة من قبل المملكة هي قطع شعرة معاوية ورفع اليد عن اليمن فاما ان تقبل المملكة تلك النتيجة وتنائ بنفسها عن الصراعات اليمنية الداخلية واما ستقع في الرمال المتحركة الجيوسياسية التي ستغيير خريطة البلدين اليمن والسعودية ربما الى ماقبل عام 2000 م بقرون .

المزيد في هذا القسم:

  • تغريدات في الهزيمة والانتصار ؟ المرصاد نت(1)-لم تحقق السعودية اهدافها بعد من عدوانهاعلى اليمن-لم تتضرر السعودية بعد من عدوانها على اليمن-لا تزال السعودية تعتقد حتى الان ان بامكانها الانتصار ف... كتبــوا
  • حُجرية تعز: سر اليمن المكنون! المرصاد نت   (أهدي هذا المقال لكل أساتذتي من أبناء الحجرية، الذين اكتشفت على أيديهم معنى فريداً للحياة وللوطن)..... قبل 28 عاماً، عملت لأسبوعين أثناء ا... كتبــوا