المرصاد نت - رشيد الحداد
تُواصل العملة اليمنية مسارها الانحداري من دون أن تتمكن حكومة هادي التي أستعجلت نقل البنك المركزي إلى عدن من إيقاف تدهورها. عمليات طباعة متضخمة من دون غطاء مضاربات غير قانونية بالدولار وعشوائية وهدر مستمران.... كلها أسباب للتدهور المتسارع الذي يفاقمه وضع الرياض شروطاً تقييدية على إمكان تصرف «المركزي» بوديعتها
وشهدت القيمة الشرائية للعملة اليمنية تدهوراً حاداً أمام العملات الأجنبية خلال الأيام الماضية في ظل عجز البنك المركزي الخاضع لسيطرة حكومة هادي عن وقف هذا التدهور. وجاء الهبوط الحاد في سعر صرف العملة اليمنية أمام الدولار الذي تجاوز سقف 520 ريالاً للدولار الواحد في عدن عقب قيام حكومة هادي بطباعة 800 مليار ريال يمني في شركة «غورناك» الروسية من دون غطاء نقدي.
خطوة ليست وحدها السبب وراء الانهيار الذي أصاب الأسواق اليمنية بالركود وتسبّب بتصاعد أسعار الغذاء والدواء في ظل تراجع مستويات دخل الأسرة اليمنية بنسبة 60% عما كانت عليه قبل العدوان. ذلك أن ثمة أسباباً أخرى يوردها مراقبون اقتصاديون، في مقدمها وجود أزمة بين أجنحة مراكز القوى المالية في حكومة هادي وبين محافظ البنك المركزي المعين من قبل الرباعية الاقتصادية الدولية، وبتزكية أميركية.
في شهر نيسان/ أبريل الماضي شنّ محافظ البنك المركزي في عدن محمد منصور زمام هجوماً على حكومة أحمد عبيد بن دغر واتهمها بالفساد. وقال زمام إن حكومة هادي تقف وراء تسريب مبالغ مالية كبيرة إلى الخارج مما أدى إلى عجز البنك المركزي في عدن عن صرف رواتب موظفي الدولة في المحافظات الجنوبية. وطالب محافظ «مركزي عدن» حكومة هادي بإعادة كافة إيرادات الدولة للبنك المركزي وعدم صرف أي مبالغ خارج الأجور والمرتبات وهو ما قابلته الحكومة الموالية للرياض بالتهرب وافتعال أزمة غير معلنة مع المحافظ.
في منتصف حزيران/ يونيو الفائت سرّبت حكومة هادي وثيقة تتهم فيها زمام باستلام راتب شهري يفوق 24 ألف دولار وشنّت حملة منظمة للضغط على زمام من أجل تنفيذ أوامرها في صرف المبالغ اللازمة لعمليات شراء الولاءات وصرفيات أخرى هائلة إلا أن زمام ردّ على تلك التسريبات عبر إحدى النقابات العمالية في البنك مؤكداً أن راتب محافظ البنك حدّده المحافظ السابق المعين من قبل هادي.
هذه التجاذبات سرعان ما اتسع نطاقها وأُدخل على خطها حزب «الإصلاح» عن طريق اتهامه برفض تحويل إيرادات ضخمة إلى «مركزي عدن»، فما كان من «الإصلاح» إلا أن ردّ بطريقته مُطلِقاً حملة مضادة لحكومة بن دغر ومُتحدِّثاً عن أرقام مهولة لرواتب مقرَّة من قِبل حكومة هادي تصل إلى ملايين الدولارات شهرياً. وبرّر الحزب عدم قيامه بتحويل الإيرادات العامة للدولة من مأرب إلى عدن بغياب سيطرة حكومة هادي على المحافظات الجنوبية وعجزها عن تأمين نقل تلك الأموال من مأرب عبر محافظات شبوة وأبين وحتى عدن.
انتقال «الحرب» إلى السوق المصرفية
لم تتوقف الاتهامات المتبادلة والحملات المتضادة عند حدود الأجنحة السياسية لجبهة «التحالف»، بل انتقلت إلى السوق المصرفية اليمنية التي لا تزال موحّدة بين عدن وصنعاء على رغم الانقسام. إذ حاولت تلك الأطراف إدخال كميات كبيرة من العملة المطبوعة من دون غطاء إلى العاصمة صنعاء التي لا تزال مركزاً مالياً لليمن على رغم تعطيل وظائف البنك المركزي إلا أن المجلس الاقتصادي الأعلى في صنعاء اتخذ إجراءات احترازية حالت دون إغراق الأسواق المحلية والمصرفية في المحافظات الواقعة تحت سيطرة حكومة الإنقاذ بالأموال المطبوعة مما عزز استقرار العملة اليمنية في صنعاء وحال دون حدوث مضاربة بالدولار.
وكنتيجة طبيعية لذلك تصاعدت أسعار صرف الدولار في عدن إلى أعلى مستوياتها خلال الأسابيع الماضية فيما ظلت في العاصمة صنعاء مستقرة نسبياً. ووصل سعر صرف الدولار مقابل الريال اليمني في عدن مطلع الأسبوع الجاري إلى 524 ريالاً وسعر صرف الريال السعودي إلى 145 ريالاً وذلك بفعل ارتفاع الطلب على العملات الصعبة إلى أعلى المستويات، في ظل عجز البنك المركزي عن تحديد سعر الصرف ووقف تدهور العملة. أما في العاصمة صنعاء فارتفع سعر الدولار الأسبوع الماضي من 493 ريالاً إلى 517 ريالاً للدولار فيما بلغ سعر الريال السعودي 136 ريالاً.
حكومة الإنقاذ في صنعاء برئاسة عبد العزيز بن حبتور طالبت مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، بالتدخل بشكل سريع وتشكيل فريق فني مشترك من صنعاء وعدن بإشراف أممي للقيام بضبط الجوانب النقدية المتعلقة بأسعار صرف العملات الأجنبية و«تجنيب المواطن آثار التدهور الاقتصادي». وأكد بن حبتور استعداد حكومته لـ«بناء جسور الثقة عبر تشكيل هذا الفريق المحايد الذي سيتولى ترتيب ومعالجة أسعار صرف العملات الأجنبية والعمل على تجنيب المواطنين المزيد من الأعباء الناجمة عن عدم الاستقرار النقدي».
إلا أن حكومة هادي اعتبرت تدهور سعر الصرف مبرراً للمطالبة بإقالة محافظ البنك المركزي محمد منصور زمام. وقد سعى هادي إلى تشكيل لجنة للعمل على وقف التدهور لكن افتقاد حكومته السيطرة على المناطق الجنوبية جعلها عاجزة عن تنفيذ أي قرارات.
وزير النقل السابق وأستاذ السياسة المالية في جامعة عدن واعد باذيب أكد عجز البنك المركزي في عدن عن القيام بأي إجراء للحد من تدهور سعر الصرف عازياً ذلك إلى أن البنك «لا يستطيع تحديد العرض النقدي ولا قياس الأوعية النقدية فالكتلة المتسربة خارج الجهاز المصرفي وتغطيته الإنفاق بإصدار نقدي جديد مع عدم وصول الإيرادات السيادية إلى البنك عبر فروعه بالمحافظات يحول دون قيام البنك بأي دور لوقف التدهور».
ولفت باذيب إلى أن هناك عشوائية مفرطة في شركات الصرافة التي تقوم بدور البنوك خارج نطاق الرقابة الحكومية. وفي الاتجاه نفسه، أكدت مصادر اقتصادية أن المضاربة التي تتم خارج البنوك والشركات العاملة في الخدمات المصرفية في عدن وصنعاء هيأت الفرصة لمراكز قوى مالية لسحب كميات كبيرة من العملة الصعبة وتحويلها إلى الخارج.
التدهور المتسارع للعملة اليمنية نتيجة الطباعة التضخمية من قبل حكومة هادي والمضاربة المحتدمة بالدولار من قبل مراكز القوى المالية الموالية للرياض كشفا عن قيود سعودية غير معلنة على الوديعة المالية المقدرة بمليارَي دولار والتي أعلنت الرياض تقديمها للبنك المركزي في عدن في شباط/ فبراير من العام الجاري بهدف «الحفاظ على العملة اليمنية». لكن البنك المركزي الذي وعد في وقت سابق بتحديد سعر صرف العملة ومنع تدهورها عجز عن استخدام تلك الوديعة للحد من تدهور القيمة الشرائية للريال اليمني.
ووفقاً لمصدر رفيع في حكومة هادي فإن الرياض وضعت شروطاً تقييدية على التصرف بوديعتها المالية مما حال دون استخدامها. وأكد المصدر أن الوديعة المالية خارج تصرف البنك المركزي في عدن. وبالتالي فإن الأخير عاجز بشكل كامل عن وقف تدهور سعر الصرف في ظل الانقسام المالي بين صنعاء وعدن وعدم وجود سياسة مالية لحكومة هادي التي تدير الأوضاع بشكل عشوائي.
المزيد في هذا القسم:
- عاجل: في أول رد فعلي لهم على الأعتداء عليهم من قبل قوات مكافحة الشغب شباب الثورة يقومون ا... أفادت مصادر من داخل ساحة الاعتصامات قبل قليل أن شباب الثورة الان يقومون بنصب خيام جديدة بالقرب من وزارة الداخلية في مكان سقوط الشهيد والجرحى مؤكدين ب...
- مطالب مرتزقة الرياض ومخطط التوسع الأمريكي المرصاد نت - طالب الحسني مزيدا من القوات الغازية ومزيدا من توسع النفوذ الأمريكي لا غرابة أن تكون هذه المطالب ثمن الأشلاء وعشرات القتلى في تفجيرات القاعدة وف...
- القاء الموسع للأحزاب والقوى السياسية يحذر من محاولة فرض خارطة أممية بعيداً عن التوافق المرصاد نت - صنعاء حذر بيان صادر عن اللقاء الموسع للأحزاب والقوى السياسية في اليمن، من المساعي العدائية التي تبذلها دول العدوان لإملاء الحلول السياسية من خ...
- الرياض توجه باعتقال أبرز مشايخ المهرة وتحذيرات شعبية من خطورة التصعيد المرصاد نت - متابعات أفادت مصادر إعلامية بمحافظة المهرة أن "الرياض" عاصمة دول تحالف العدوان الأمريكي السعودي وجهت اليوم الثلاثا باعتقال أحد مشايخ محافظة المهر...
- قتلى وجرحى في اشتباكات بسبب الزحام من أجل البترول في عدن المرصاد نت - عدن قتل شخص وجرح اخر في تبادل لإطلاق النار اليوم الأحد بسبب الازدحام أمام محطة وقود في مدينة عدن جنوب اليمن . ونُقل عن مصادر محلية القول إن تب...
- 26 شهيداً وجريحاً حصيلة اعتداءات تكفيريي القاعدة على عناصر الأمن والسلطات تعلن حالة استنفا... نجا رئيس جهاز الأمن القومي ووزير الدفاع اليمني اللواء الركن محمد ناصر أحمد ومسؤولين عسكريين وأمنيين كبار أمس من كمين مسلح نصبه مسلحي القاعدة بينما تضارب...
- أزمات تُفاقم الجوع... تراجع الزراعة وانخفاض الأجور يهددان اليمنيين! المرصاد نت - متابعات يعيش اليمن انهياراً متسارعاً للأمن الغذائي وصل لمرحلة الخطر الكارثي وفق أحدث تصنيف دق ناقوس الخطر في مشكلة مزمنة تعاني منها البلاد لكنها ...
- جبهة نهم تشتعل مجدداً: عين «التحالف» على أطراف صنعاء المرصاد نت - متابعات قالت مصادر مطلعة أن تحالف العدوان السعودي دفع أول أمس بتعزيزات عسكرية كبيرة الى مأرب فيما تواصل قيادات المرتزقة حشد المئات من المقاتلين ا...
- أعتراف أمريكي بالتخطيط والمشاركه بالعدوان على اليمن المرصاد نت - متابعات اعتراف الخبير والمحلل العسكري لدى البنتاغون الأمريكي رونالد جيمي والمشهور في تحليلاته العسكرية بأنخراط بلاده ومشاركتها بالتخطيط والتنسيق ...
- طيران العدو السعودي الأمريكي يضيف مجزرة جديدة الي سجله الدموي في مديرية خولان طيال بصنعاء ... المرصاد نت - متابعات استشهد 10 مواطنين وأصيب آخرون بجروح بينهم نساء وأطفال في حصيلة أولية جراء استهداف طيران العدوان سيارة تقل مسافرين في محافظة صنعاء اليوم ا...