المرصاد نت - متابعات
أنهى وزير الخارجية الأميركي الجديد أمس زيارة قصيرة له إلى السعودية التقى خلالها الملك وولي عهده ونظيره السعودي.
لقاءات جاءت في نتائجها مشابِهةً لما خرجت به زيارة دونالد ترامب للمملكة: تحريض ضد إيران وتشجيع على الإنفاق. وفيما بدت الرياض مجدّداً مستعدة للمضي بعيداً في إرضاء ترامب ظهر بومبيو مماثِلاً لرئيسه في تقمّصه شخصية التاجر الذي يتقن اللعب على حساسيات «زبونه»
مثلما كانت القِبلة الأولى لرئيسه بعيد تولّيه منصبه هكذا ظلّت بالنسبة إلى وزير الخارجية الأميركي الجديد مايك بومبيو في أولى جولاته الشرق أوسطية عقب مصادقة مجلس الشيوخ على تعيينه الخميس الماضي. العسكري الذي شغل سابقاً منصب رئيس وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إي) لم يجد أفضل من السعودية ليستهلّ بها مهمّته في «تفعيل الدبلوماسية الأميركية» كما وصّف دوره إثر لقائه موظفي الوزارة العاملين في حلف شمال الأطلسي.
مُحمَّلاً برسائل من دونالد ترامب الذي لم يحتمل وجود وزير مناكِف لتوجّهاته على رأس الدبلوماسية الأميركية (ريكس تيلرسون) جال بومبيو على المسؤولين السعوديين مردِّداً على مسامعهم بـ«تهذيب» ما كان ترامب يقوله بـ«وقاحة» أمام أنصاره في ولاية ميشيغان: «سنجعلهم ينفقون وينفقون» هؤلاء الذين «يحتارون في كيفية إنفاق أموالهم».
حقيقة حاول الرجل الذي يمثّل «ورقة استثنائية» في هذه المرحلة «الحرجة» وفق ما وصفه به ترامب، تلطيفها بقوله أمس، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره عادل الجبير إن «دول الشرق الأوسط لا يمكن أن تنتظر جهود الولايات المتحدة للقضاء على الإرهاب نيابة عنها. يجب على تلك الدول تحمّل هذا العبء». وهو ما كان مسؤول أميركي رفيع مرافِق لبومبيو قد شدّد عليه أيضاً بتذكيره بأن «الرئيس (ترامب) أوضح أنه يرغب في رؤية مشاركة ذات معنى من دول المنطقة». بتعبير أوضح: إدارة دونالد ترامب التي تعتقد أن الولايات المتحدة أنفقت في الشرق الأوسط سبعة تريليونات دولار «هدراً ولم تجنِ منها شيئاً» بحسب ما كرّره سيد البيت الأبيض في ميشيغان غير مستعدة لدفع المزيد وبالتالي على بعض دول المنطقة التي «لن تصمد أسبوعاً من دون الحماية الأميركية» أن «تدفع ما عليها».
على أكمل وجه ستؤدي السعودية الفروض «الترامبية» المطلوبة منها طبقاً لما توحي به جميع المؤشرات إلى الآن وآخرها تصريحات بومبيو الذي أجاب عن سؤال حول إمكانية إرسال قوات سعودية إلى سوريا بـ«(أننا) سنجلس ونتحدث عن ذلك... وكيفية أن نضمن بأفضل صورة أن أميركا لا تعمل بمفردها في هذا الشأن وأن دول الخليج تعمل بجانبنا». في المقابل ستتلقى الرياض مزيداً من الوعود التي تدغدغ حساسيتها إزاء طهران والتي أغدق بومبيو جرعة إضافية منها.
«خلافاً للإدارة السابقة فإننا لن نغفل عن نشاطات إيران التي تدعم الإرهاب ونريد ألا تحوز طهران سلاحاً نووياً والاتفاق النووي مع إيران بشكله الحالي لا يوفر هذه الضمانات». هذا ما أكده الوزير الموصوف بأنه من فريق «الصقور» الأميركيين ضد إيران لافتاً إلى «(أننا) سنستمرّ في العمل مع حلفائنا الأوروبيين من أجل إصلاح الاتفاق النووي» مستدركاً بأنه «في حال لم يتمّ التوصل إلى اتفاق فإن الرئيس قال إنه سينسحب».
التهديد الأميركي بإطاحة الصفقة النووية والذي يشكّل جزءاً من استراتيجية الولايات المتحدة ضد طهران لا تملك السعودية إزاءه إلا ترداد ادعاءات واشنطن وتأدية دور في جوقة التحريض على إيران. أيّد عادل الجبير خلال المؤتمر الصحافي أمس ما سمّاه «جهود تحسين الاتفاقية النووية» داعياً إلى تقييد يد الجمهورية الإسلامية في «تخصيب اليورانيوم بشكل أبدي» وإلى أن «يكون هناك تفتيش مكثف» للمنشآت النووية الإيرانية مُجدِّداً المطالبة بـ«فرض المزيد من العقوبات على إيران، لانتهاكها القرارات الدولية المتعلقة بالصواريخ الباليستية ودعمها للإرهاب وتدخلاتها في شؤون دول المنطقة».
مواقف تستبطن تطلّعاً سعودياً إلى أقصى حدّ من التصعيد الأميركي بحلول 12 أيار/ مايو المقبل في ظل خشية لدى الرياض من أن تفلح الضغوط الأوروبية في كبح جماح ترامب واعتبارها احتمال التوصل إلى حلّ وسط مع طهران «وارداً جداً» وفق ما يتداوله سعوديون مقرّبون من «البلاط».
لكن وأياً كان قرار الرئيس الأميركي فإن الولايات المتحدة ستكون قد نجحت في «حَلْب» السعودية تحت ما تراه الأخيرة تهديداً إيرانياً لها لا سيما من بوابة اليمن الذي كانت قوته الصاروخية تمطر جازان بثمانية صواريخ باليستية تزامناً مع زيارة بومبيو. الأخير وأعضاء الوفد المرافِق له وجدوا في عملية السبت الباليستية فرصة متجددة لتجيير المزاعم السعودية بشأن «استمرار النظام الإيراني في تزويد اليمن بقدرات نوعية» لصالح استراتيجية واشنطن ضد طهران.
قال براين هوك أحد أبرز مستشاري بومبيو للصحافيين في الرياض إن الصواريخ التي أُطلقت على جيزان أُرسِلت إلى اليمن من قِبَل إيران مضيفاً أن «الصواريخ الإيرانية تطيل أمد الحرب والمعاناة في الشرق الأوسط وتهدد أمننا ومصالحنا الاقتصادية» حاثّاً «دول العالم على معاقبة أي أفراد أو كيانات مرتبطة ببرنامج إيران الصاروخي». دعوة وإن كانت مرتبطة بالدرجة الأولى بالحسابات الأميركية لا السعودية خصوصاً أنها «مثلت جزءاً كبيراً من المناقشات مع الأوروبيين» على حدّ تعبير هوك إلا أنها تُعدّ بمثابة ضوء أخضر متجدّد للرياض للمضيّ في عدوانها وهو ما يجعل اعتبار بومبيو «الحل السياسي (الخيار) الوحيد لضمان استقرار اليمن» فارغاً من المضمون عملياً.
اللامبالاة الأميركية بوقف نزيف الدم في اليمن انسحبت أيضاً على الأزمة الخليجية التي تشارف دخول عامها الثاني إذ وعلى الرغم من تشديد بومبيو على أهمية «تحقيق الوحدة الخليجية» إلا أنه قال إن بلاده تأمل أن «يتوصل الخليجيون إلى حلّ الخلاف بينهم بطريقتهم» في إشارة مبطّنة إلى غياب العزم الأميركي على تدخل جادّ ينهي الأزمة المندلعة منذ حزيران/ يونيو 2017. قد يكون بومبيو أبلغ السعوديين بأن «توقفوا» وفق ما نقلت «نيويورك تايمز» عن مسؤول رفيع في وزارة الخارجية على اعتبار أن الشقاق الخليجي يعرقل «استجابة عربية موحدة وأكثر قوة للأولويات العاجلة» غير أن عميد الدبلوماسية الأميركية لم يُظهر أقلّ مما أظهره رئيسه من حرص على الاستثمار في خلاف «الأشقاء» إلى أبعد حدّ ممكن مع تخلٍّ شبه كامل عن التصعيد ضد قطر. وهو ما يبدو أنه إلى جانب الشكوك في نيّات ترامب الحقيقية حيال إيران بدأ يستفزّ السعودية التي عبّرت قبل أيام عن امتعاضها من ضآلة الضريبة المفروضة على الدوحة مقارنة بما هو مطلوب منها.
المزيد في هذا القسم:
- لغز إطلاق النار في الخزامي وإمكانية توظيف "بن سلمان" للحادث المرصاد نت - متابعات قبل يومين حدث إطلاق نار كثيف قرب القصر الملكي في السعودية وتعددت الروايات بشأن حقيقة الحادث؛ ففي حين زعمت السلطات إنه حادث عرضي ذكرت الكث...
- الغارديان: المحاكم الأمريكية على المحك .. فهل تتصدى لـ "الإسلاموفوبيا"؟ المرصاد نت - متابعات قالت صحيفة الغارديان البريطانية اليوم على لسان الكاتب "منير أحمد" أنه وفي خضم الإجراءات التي تعصف بأوروبا وأمريكا بحق المسلمين هل تتصدى ا...
- رياح الثورة المضادّة تهبّ من الصحراء: «الربيع الثاني» فرصة تعويض لـ«المحمّدين» ! المرصاد نت - متابعات يوماً بعد يوم تتزايد المؤشرات إلى محاولة المحور الإقليمي الذي يقوده «المحمّدان» (ولي عهد السعودية محمد بن سلمان، وولي عهد أبو...
- اشتباكات عنيفة في محيط العاصمة الليبية وحكومة الوفاق تغلق مطار طرابلس! المرصاد نت - متابعات ذكر الموقع الإلكتروني لمطار معيتيقة الدولي إن المطار الوحيد العامل في طرابلس قد أغلق حتى إشعار آخر بعد أنباء عن تعرض العاصمة لهجوم ...
- الأزمة الاقتصادية السودانية مستمرة: الجميع ينتظر الحلول المرصاد نت - مي علي يعيش السودان وضعاً اقتصادياً متأزماً، إذ في الوقت الذي تواصل فيه العملة المحلية ترنحها أمام العملة الأجنبية يصل التضخم إلى مستويات غير مسب...
- النفط والتطبيع مُقابل السكوت على جرائم نظام بني سعود! المرصاد نت - متابعات الصين تدعو روسيا إلى انتزاع السلطة العالمية من الولايات المتحدة والصين وروسيا أيضاً بعيدتان إلى حد الآن عمّا يجري من مُتاجرةٍ بدم جمال خا...
- السعودية في لبنان مجدداً: تحشيد للمواجهة أم التسوية؟ المرصاد نت - السفير جمود حكومي لا أحد يرغب بكسره وفي الوقت نفسه لا أحد يرغب بتقديم المزيد من التنازلات بل ربما هناك من يريد العودة إلى ما قبل انطلاقة مفاوضات ...
- صرخة الأمريكيين لأوباما... أوقف بيع السلاح للسعودية المرصاد نت - متابعات دعت رابطة الحد من الأسلحة صناع السياسة الأمريكيين والرئيس أوباما والكونغرس في تقرير نشرته بموقعها الالكتروني (الجمعة 19 أغسطس/آب 2016) إل...
- المواجهة الأوكرانية الروسية: هل تكون مُقدّمة لحربٍ عالمية؟ المرصاد نت - متابعات شكّلت المواجهة الروسية الأوكرانية في بحر آزوف قلقاً بالنسبة للعالم أجمع إذ تأتي هذه الأحداث والأزمات في وقتٍ يشهد فيه العالم توتّراً غير ...
- هدوء عابر بعد «عين الأسد»: الميدان لحركات المقاومة! المرصاد نت - متابعات هدأت المنطقة قليلاً في أعقاب إعلان دونالد ترامب عدم نيته الردّ على الردّ الإيراني. لكن ما بات محسوماً أن الهدوء لن يطول كثيراً قبل اكتشاف...