10 سنوات على عدوان تموز ... الحرب المستمرة

المرصاد نت - الأخبار

ليس أقسى من حرب تموز 2006 إلا الحرب التي اندلعت في اليوم التالي لوقف إطلاق النار صحيح أن الناس ملّوا من الحديث عن المؤامرة ومن نسب كل الموبقات إلى الأعداءlobnan2016.7.12


المنتشرين من حولنا وفي كل العالم.

لكن ما كشفته السنوات الماضية من وثائق ويكيليكس إلى تسريبات البريد الدبلوماسي العالمي إلى وقائع إضافية كانت لا تزال مستمرة حتى بعد توقف الحرب، دلّ على أمر واحد: أن العدو المتشكّل من كل الغرب الاستعماري وعملائه من الصهاينة والعرب واللبنانيين، لم يتوقف يوماً عن العمل المضني في سبيل غاية واحدة: كسر فكرة المقاومة وإرادتها. وهؤلاء على حق في ما يفعلون، لأنهم يلمسون، يوماً بعد آخر، النتائج الهائلة التي حققتها المقاومة في مواجهة العدو والآفاق التي فتحتها لإحداث تغييرات جوهرية في مسارات الأمور في منطقتنا. عندما اندلعت حرب تموز، كان العدو يعتبرها معركة، أو جولة، وأطلق عليها يومها اسم «عملية تغيير الاتجاه»، قبل أن يركب الجنون رأس قادته السياسيين والعسكريين ويحوّلها إلى «حرب لبنان الثانية». والنتيجة كانت أن المقاومة هي من نجحت في تغيير الاتجاه. وهو أصل الموضوع.

بهذا المعنى ووفق هذه الاستراتيجية، لم ينتظر عملاء أميركا وإسرائيل في لبنان دفن الشهداء، عندما أطلقوا معركة نزع سلاح المقاومة. من بيان لقاء البريستول السيئ الذكر، وصولاً إلى قرارات مجلس الوزراء في الخامس من أيار عام 2008، وما تخللها وتلاها من تحريض لا يزال مستمراً، وضخ هائل من الأكاذيب والدسّ... هدفه واحد، هو وضع المقاومة في موقع المحاصر، وتدفيعها ثمن قدرتها على الانتصار، والدفع إلى تغيير الاتجاه.

في الوقت الذي التفت فيه الصحف الإسرائيلية لتلخيص تجربة العدوان الإسرائيلي على لبنان في 12 يوليو/تموز 2006، الأسبوع الماضي مع مرور عشر سنوات على هذه الحرب، سبقتها قنوات التلفزة الإسرائيلية، بفعل المنافسة التجارية، إلى بث برامج مختلفة عن الحرب على لبنان، كانت السمة الرئيسية فيها الإقرار بفشل العدوان. واعتمدت البرامج في استخلاصها هذا على سببين رئيسيين؛ استمرار العدوان 34 يوماً (12 يوليو/تموز لغاية 14 أغسطس/آب)، والكشف عن فشل إدارة الحرب والمعارك بفعل عدم توفر المعلومات الاستخبارية الدقيقة، وانقطاع الاتصال الصحيح والمتواصل بين القوات البرية في الميدان وبين مقار قيادة العمليات. وهذا السبب الثاني عاد وأكّده، خلال البرامج التي بُثت طيلة هذا الشهر، وزير التربية والتعليم، نفتالي بينت الذي كان قائد إحدى الوحدات البرية خلال الحرب.

وكما في حالة البرامج التلفزيونية، فقد أفردت الصحف الإسرائيلية، نهاية الأسبوع الماضي، تقارير عدة بمناسبة مرور 10 أعوام على الحرب على لبنان، من مختلف الزوايا. ولعلّ السمة البارزة هنا، هي الإقرار بفشل العمليات العسكرية في سير المعارك، مع الإشارة بشكل خاص، إلى محاولات رجال السياسة والمسؤولين في أوج الحرب، بدءًا من رئيس الحكومة آنذاك، إيهود أولمرت، ووزير الأمن عمير بيرتس، التعلّق بحقيقة الهدوء على الحدود بين لبنان وإسرائيل، للتدليل على أن العدوان حقق هدفه في ضمان الهدوء.

 صحف إسرائيلية أقرت بفشل إدارة إسرائيل الحرب على لبنان بفعل عدم توفر المعلومات الاستخبارية الدقيقة

في هذا السياق يشير معلّق الشؤون العسكرية في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، إلى أن حقيقة وجود حالة من الردع المتبادل بين الطرفين، لا يمكنها أن تشكل ستاراً لواقعة فشل إسرائيل في الحرب، وهو ما أكدته لجنة التحقيق الرسمية التي شكلتها إسرائيل في سبتمبر/أيلول من العام ذاته، برئاسة القاضي المتقاعد إلياهو فينوغراد، والتي ثبتت واقعة الفشل في الحرب، وفشل الجهاز السياسي والقيادة العليا للجيش للاستعداد وإعداد الجيش والوصول به إلى جهوزية تامة للحرب، وفقاً للمعلّق.


ويؤكد هرئيل أن "حقيقة عجز إسرائيل عن حسم المعركة في مواجهة عدو اختار عدم المواجهة العسكرية المباشرة، في المعارك البرية، وتمكّن باستمرار من الالتفاف وراء الجيش وإمطار إسرائيل بالصواريخ وقذائف الكاتيوشا، سببت الإحباط لدى الحكومة الإسرائيلية ووزرائها، كما لدى الجمهور الإسرائيلي، وفي صفوف الجيش". ومع ادعاء هرئيل بأن الجيش الإسرائيلي استخلص منذ ذلك الوقت العبرة، واستفاد كثيراً من التجربة، إلا أنه يؤكد أن مسألة الوصول إلى حسم سريع للمعركة في جولة مقبلة "سيبقى صعباً وليس سهل المنال".


ويلفت هرئيل إلى نتيجة مباشرة للحرب على لبنان، خصوصاً أنّ من قادها من ديوان رئاسة الحكومة، إيهود أولمرت، ومن مقر وزارة الأمن، عمير بيرتس، محسوبين على الوسط واليسار، ليقول إن "الحرب وما انتهت إليه نتائجها ساعدت، عملياً، في إعادة إطلاق مسيرة رئيس الحكومة الحالي، بنيامين نتنياهو السياسية، وأعادته إلى كرسي رئاسة الحكومة عام 2009، والذي كان قد خسره أمام إيهود باراك عام 1999، وجعله يترك قيادة الليكود يومها لرئيس الوزراء السابق، أرئيل شارون".


وفي تأكيده فشل الحرب، ينتقل هرئيل إلى تفسير أسباب الهدوء على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية، منذ العدوان، مقترحاً ثلاثة أسباب لتفسير ذلك؛ السبب الرئيسي هو الحرب السورية وتورُّط حزب الله فيها منذ صيف عام 2012، إذ أرسل حزب الله إلى سورية خمسة آلاف عنصر. كما فقد الحزب نحو 1600 من عناصره قتلوا في المعارك على الأراضي السورية، وبالتالي فإن الهدف والأولوية الأولى لحزب الله وإيران، اليوم، هي المحافظة على نظام الرئيس السوري بشار الأسد وتجنب أي مواجهة عسكرية مع إسرائيل تضعف سيرة الأسد وحلفائه في سورية، وتعرّض حزب الله لمزيد من النقد والمعارضة من داخل لبنان.


ويضيف المعلّق العسكري أنّ السبب الثاني يتعلّق بإيران إذ إنها، ومنذ عام 2006، صادرت الكثير من صلاحيات حزب الله، وسعت، إلى حين التوقيع على الاتفاق النووي مع الدول الغربية، إلى تفادي خطر تلقيها ضربة إسرائيلية لمنشآتها النووية. ولا ترى إيران، اليوم، سبباً أو مصلحة في جولة عسكرية جديدة من شأنها أن تضعف قوة حزب الله وترسانته الصاروخية من دون ضمان نتائج إيجابية تخدم مصالحها الاستراتيجية. أما السبب الثالث للهدوء، فيعود، عملياً، بحسب هرئيل إلى معادلة الردع المتبادل بين الطرفين، فكلا الطرفين لا يرغبان بمواجهة عسكرية يمكن لها أن تتطور إلى حرب شاملة.

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية