لرفع الغموض والإلتباس عن التفسيرات الخاطئة عن المفاوضات ! بقلم : أ. عبدالباسط الحبيشي

المرصاد نت

كمقدمة للموضوع ينبغي ان ندرك اولاً بأن دماء الشهداء التي تروي الأرض لتحقيق الإنتصارات وتحرير اليمن من الإحتلال والوصاية الخارجية هي في الأصل دماء يمنية طاهرة من اي منطقةٍ كانت ومن اي قبيلة كانت ومن اي أسرةٍ كانت ومن اي فردٍ كان.alhobaishi2016.5.13



لذا فإنه عندما يتحدث البعض عن العادة والطبيعة الطيبة والإنسانية التي يتحلى بها (أنصار الله) في تقديم التنازلات للخصوم كونها من السجايا الراقية التي عُرفت عنهم خلال الحروب الستة وما تلاها من مواجهات داخلية .. فإن هذا كلام جميل جداً ورائع جداً ومقبول، وايضاً مفهوم عندما يحدث ذلك داخل حدود الدولة الواحدة بإعتبار ذلك شأن داخلي خاص بأنصار الله وأطراف اخرى داخلية.
بيد انه عندما يتعلق الأمر بين اليمن ودولة اخرى او دول أخرى عديدة فلم تَعُد المسألة شأن ذاتي ولم يعد الخلاف او المواجهات او الحرب شأناً داخلياً، لأن المفاهيم والأعراف الداخلية والعادات والتقاليد الداخلية وحتى القوانين الداخلية لم تعد هي الإجراءات والقوانين الحاكمة للعلاقات والصراعات بين الدول. وبالتالي لم تَعُد المفاوضات مع هذه الدول او غيرها ذاتية وخاصة بجماعة او حركة او حزب سياسي بعينه او حتى مجموعة مكونات او احزاب حتى وإن ابلت بلاءً حسناً في الدفاع عن الوطن اذا لم تكن شاملة التمثيل للمجتمع بأسره وتحضى بقبول وطني شامل.
إذن فإن ما كان مقبولٌ وسارٍ في الإطار الداخلي لأسباب مجتمعية وربما إخلاقية او ثقافيةً اصبح من غير الجائز التعاطي به بنفس القدر وبنفس الدرجة مع القضايا الخارجية، وذلك لسبب بسيط جداً وهو ان القوانين الحاكمة بين الدول لا تعترف بمفاهيمك وإجراءاتك وثقافتك الداخلية ولا حتى تُقرها، لذا فإن اي تنازل يُقدم للطرف الخارجي ليس له قيمة ولا وزن ولا معنى بمفهوم الطرف الآخر الذي يحتكم لقوانين دولية جامدة ويحاول ان يثنيها قدر الإمكان لصالحه، بل ان التنازلات التي يتم تقديمها قد تكون لها تفسيرات اخرى سلبية وعكسية تماماً من نواحي مختلفة داخلية وخارجية.
لذا فإن الإنتقادات الموجهة من بعض القيادات الثورية والشخصيات الوطنية السياسية التي لا يُشَق لثوريتها ووطنيتها اي غبار ماهو إلا غيرة وحنّج على القوى المتصدرة للشأن السياسي والتفاوضي وخوفاً عليها من الوقوع في الخطاء الغير مقصود الذي قد يوقعها تحت طائل المسؤولية الوطنية الكبرى لاسيما وأن هذه القيادات الثورية ترى ان ثمة أطراف داخلية وخارجية تدفع المتصدر لهذه المسؤولية دفعاً خبيثاً للوقوع في الهاوية، ويزداد الطين بله عندما لا تجد هذه الأصوات الوطنية آذان صاغية ولا حتى من ينتبه لها.

المزيد في هذا القسم: