جونسون رئيساً لـ"المحافظين"... والحكومة البريطانية!

المرصاد نت - متابعات

فاز وزير الخارجية البريطاني السابق بوريس جونسون برئاسة حزب المحافظين ليصبح خليفة تيريزا ماي في الحزب وفي رئاسة الحكومة.Gonsaon2019.7.23

جونسون الذي تفوّق على منافسه وزير الخارجية الحالي جيرمي هانت قال في كلمة خلال إعلان فوزه إن على بريطانيا مراجعة العلاقة مع الشركاء الأوروبيين وتحقيق مصلحتها. كما أكد خطة البريكست للخروج من الاتحاد الأوروبي في نهاية شهر تشرين الأول/ اكتوبر المقبل.

زعيم حزب العمال البريطاني المعارض جيريمي كوربين قال إن على الشعب البريطاني أن يختار رئيس حكومته من خلال انتخابات عامة. في المقابل أعلن وزير التنمية الدولية البريطاني روري ستيوارت أنه سيستقيل غداً الثلاثاء، وقال إنه لا يريد العمل تحت إدارة جونسون.

وعلى الفور هنأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب بوريس جونسون بالفوز في انتخابات زعيم حزب المحافظين البريطانيين التي سيتولى بعدها منصب رئيس وزراء المملكة المتحدة. وقال ترامب في تغريدة نشرها على حسابه الرسمي في موقع "تويتر": "التهاني لبوريس جونسون بأنه أصبح رئيس وزراء جديداً لبريطانيا. سيكون عظيماً".

وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف هنّأَ جونسون على فوزه قائلاً إن مصادرة حكومة تيريزا ماي للنفط الإيراني بطلب من الولايات المتحدة هو "قرصنة" وأكد ظريف أنّ إيران لا تسعى للمواجهة، لكن لديها 1500 ميل على ساحل الخليج، قائلاً "هذه مياهنا وسنحميها".

وكانت ماي أعلنت استقالتها في شهر أيار/ مايو الماضي بعد ضغط النواب المحافظين عليها بسبب فشلها في خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في 29 آذار/ مارس وقرارها الشروع في محادثات حول الخروج "بريكست" مع حزب العمال. ولم تدعم ماي أيّاً من المرشحين الإثنين لخلافتها واكتفت بالتعليق بأن بوريس جونسون وجيريمي هانت "يعيان المسؤولية التي تأتي مع هذا المنصب".

 من هو جونسون؟

ولد بوريس جونسون عام 1964 في نيويورك وانتقل والداه إلى بريطانيا وهو طفل صغير. ويفتخر أن والده من أصول تركية وقد درس في كلية إيتون كوليج الشهيرة وأظهر ميلا إلى دراسة اللغة الانجليزية والآداب الكلاسيكية.

بدأ جونسون حياته العملية صحفياً في "ديلي تلغراف" ثم أصبح مراسلها للاتحاد الأوروبي ونائباً للمدير قبل أن يصبح مديرا لصحيفة "سبيكتيتور"، عام 1991م واكتسب شهرة كبيرة وكثيراً من الأنصار عندما كان رئيساً لبلدية لندن وبعدما تزعّم حملة الخروج من الاتحاد الأوروبي توّقع المراقبون توليه منصب رئيس الوزراء، وقيادة حزب المحافظين، بعد استقالة ديفيد كاميرون.

وأقيل جونسون من صحيفة "التايمز" بعد اتهامه بعدم الدقة في نقل التصريحات كما فُصل من منصب الناطق باسم حزب المحافظين عام 2004م بسبب كذبه بشأن علاقاته المثيرة وميله إلى الدعابة وتوجيه النقد الحاد وهو ما جعل كثيرين يصابون بالدهشة بعد توليه وزارة الخارجية.

كما وصف جونسون الاتحاد الأوروبي بأنه "مشروع زعيم النازية أدولف هتلر" الذي حاول، على حد تعبيره، "إنشاء دولة أوروبية واحدة".

ويشتهر جونسون بشخصيته الخلافية التي مكنته من احتلال مساحة رئيسية في الحيز العام البريطاني. فجونسون يعرف عن نفسه بأنه محافظ ذو أفكار ليبرالية يعبر عنها تيار الوسط (الأمة الواحدة) في حزب المحافظين، يشار إليه بأنه "ترامب بريطانيا" نظراً لخطابه الشعبوي الذي يدغدغ المشاعر اليمينية القومية في بريطانيا، ويجد له صدى في اليمين المتطرف.

وبالرغم من اقتران اسم جونسون بتأييد "بريكست" إلا أن مسيرته المهنية شملت باعاً طويلاً في الصحافة البريطانية المحافظة، إذ تنقل بين "ذا تايمز" و"تلغراف" و"سبكتاتور". كما كان عضواً في البرلمان البريطاني منذ عام 2001م ولكن تخللتها فترة عمل فيها من خارج البرلمان بين عامي 2008-2016م عندما انتخب عمدة لمدينة لندن. وبعد نجاح حملة بريكست، تولى جونسون حقيبة الخارجية في حكومة تيريزا ماي لمدة عامين قبل أن يستقيل عام 2018 احتجاجاً على خطة "تشيكرز".

وبخلاف الصورة التي يرسمها جونسون لنفسه كإنكليزي محافظ، فهو من مواليد نيويورك في الولايات المتحدة، ويحمل الجنسيتين البريطانية والأميركية. كما يعود نسبه إلى وزير داخلية عثماني يدعى علي كمال وزوجته الإنكليزية ونفريد جونسون من جهة أبيه، بينما يرتبط نسبه من جهة أمه بالمؤرخ الأميركي اليهودي من أصول روسية إلياس أفري لو. وبالرغم من تلقي جونسون تعليمه في مدرسة إيتون وجامعة أوكسفورد، اللتين ينتمي إليهما معظم قادة حزب المحافظين، إلا أنه قضى سنوات طفولته في بروكسل، التي خدم فيها والده أثناء عمله في المفوضية الأوروبية.

 ولكن موقف جونسون من الاتحاد الأوروبي بدأ في الظهور إلى العلن نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، عندما عمل كمراسل للشؤون الأوروبية في صحيفة "تلغراف" حتى عام 1994. وعرف جونسون منذ تلك الحين بمواقفه المشككة بالاتحاد الأوروبي وسياساته، مستخدماً خطاباً مختلفاً في تغطية التطورات في بروكسل يبتعد فيه عن لغة الحقائق والأرقام، لاجئاً عوضاً عن ذلك إلى السخرية والأمور الخلافية التي منحته شعبية بين الجمهور المحافظ البريطاني الذي لا يكن بمجمله المودة لبروكسل. وترقى جونسون في "تلغراف" ليصبح مراسلاً حربياً مثيراً المزيد من الانتقادات للأوصاف التي يستخدمها في كتاباته، والتي وصلت لاتهامه بالعنصرية. واتهم جونسون بعدم امتلاك ثوابت سياسية عدا عن معارضته للاتحاد الأوروبي.

ومستفيداً من شهرته التي بناها أثناء عمله الصحافي، تمكن جونسون من دخول البرلمان البريطاني عام 2001م عن دائرة هانلي، ليعاد انتخابه مرة أخرى عام 2005م كما دعم جونسون ديفيد كاميرون لزعامة المحافظين في العام ذاته، وكافأه كاميرون بتعيينه وزيراً للتعليم العالي في حكومة الظل. إلا أن نقلة نوعية في عمل جونسون السياسي كانت عام 2008م عندما نجح في انتخابات عمدة لندن، ليعاد انتخابه مرة أخرى عام 2012. وتنتقد مسيرة جونسون في عمادة لندن أيضاً بأنه لم يخلف إرثاً يمكن الاعتداد به كما فعل سلفه كين لفنغستون، والذي طور البنية التحتية للمدينة ورفع أداء شرطتها وساهم في تخفيض مستوى التلوث البيئي فيها بينما يقتصر إرث جونسون على بضعة مشاريع صممت لتجلب الشهرة مثل "دراجات بوريس".

إلا أن الإنجاز الأكبر لجونسون كان عندما نجح في قيادة حملة "بريكست" عام 2016م والتي نالت دعم نحو 52 في المائة من البريطانيين. ونجح جونسون حينها في مخاطبة الناخبين بلغة عاطفية تمكنت من ترجيح كفة الموازين، مبتعداً فيها عن سرد الحقائق والأرقام، إلا في حالة وحيدة عندما جال في حافلة تزعم أن بريطانيا ستستعيد 350 مليون جنيه إسترليني أسبوعياً تضعها في ميزانية الخدمات الصحية، وهو ما تبين عدم صحته لاحقاً. ودفع سلوك جونسون هذا خلال حملة "بريكست" إلى مقارنته بترامب.

وسرعان ما انهار تحالف حملته بعد نجاحها في الاستفتاء حين تخلى عنه حليفه مايكل غوف في انتخابات زعامة المحافظين عام 2016م بعد استقالة كاميرون والتي نجحت فيها تيريزا ماي. واستلم جونسون في حكومة ماي حقيبة الخارجية والتي شهدت أثناء ولايته عددا من الأخطاء كان أسوأها عندما هدد حياة المعتقلة البريطانية لدى إيران نازانين زاغاري راتكليف عندما قال إنها كانت تدرس الصحافة في إيران، بينما كانت في مجرد إجازة وهو ما عزز شكوك الإيرانيين في تجسسها لصالح المخابرات البريطانية. أما في ما يتعلق بالشرق الأوسط، فعرف عنه دعمه للسعودية في حرب اليمن ودعم مبيعات الأسلحة، رغم خروقات حقوق الإنسان. بينما زار السعودية بعد أيام من اغتيال الصحافي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول.

وفي صيف 2018م استقال جونسون من عمله في وزارة الخارجية احتجاجاً على خطة تشيكرز التي طرحتها ماي كخارطة للمفاوضات مع الاتحاد الأوروبي. وعاد ليمارس ما يجيده وهو الانتقاد من الصفوف الخلفية بخطاب بلاغي يثير المشاعر ويحرض الجمهور. واتجه جونسون للتشدد تجاه الاتحاد الأوروبي، ليدعم "بريكست" من دون اتفاق، مستخدماً مفردات تشير إلى الشراكة الأوروبية البريطانية على أنها "احتلال" و"استعمار"، وضرورة "استقلال بريطانيا". ونجح من خلال تحالفه مع متشددي "بريكست" في حزبه بتعطيل تمرير اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي في البرلمان البريطاني، والذي انتهى باستقالة تيريزا ماي من منصبها، بداية يونيو/ حزيران الماضي، ليتمكن بعد شهر من المنافسة الداخلية في حزب المحافظين من التغلب على تسعة مرشحين آخرين وتولي مهام رئاسة الوزراء.

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية