هل كان ذلك مؤتمر .. أم تآمر؟؟

 

خلص مؤتمر حزب التجمع الوحدوي الناصري في الأسبوع الماضي بتوليفة قروية تمثلت بلجنة مركزيALHBESHة مؤلفة من تسعين عضواً يتوزعون كالآتي: تسعة وخمسين عضواً من قرية واحدة من قرى محافظة تعز، إحدى عشر عضواً من محافظات الجنوب، وعشرين عضواً من بقية محافظات الجمهورية. هل هذا حزب وطني يمني أم هو في الحقيقة حزب قروي مناطقي عنصري بغيض؟ هل يعقل بأن ثلثي أعضاء حزب ممثل في كل مفاصل النظام في البلاد للمزايدة والإنتهازية ينتمون إلى قرية واحدة،؟! وثلث واحد فقط من الأعضاء يتوزعون على بقية الجمهورية اليمنية؟؟؟؟؟

وإذا قمنا بنفس الإحصائية للحزب الإشتراكي ـ الذي أعترض على التعديل الوزاري التوافقي الأخير وكأنه ضمنياً راض عن كل التطورات الكارثية ماعدا هذا التعديل، نعرف بإن القسمة لم تعجبه وحسب ـ حزب ينتهي إلى نتيجة الناصري وهي سيطرة قرية من محافظة تعز على لجنته المركزية ومكتبه السياسي وهذا ما افقد الاشتراكي دوره وعبقه الوطني ذو المنشأ الجنوبي مما أرغم أبنائنا وأهلنا في الجنوب الذين صنعوا الوحدة على إسقاط الحزب من حساباتهم وإسقاط الوحدة بأكملها من نفسياتهم. لذا فإن النبرة الانفصالية لم تأتي من فراغ في جنوبنا المحتل. لأن الإحتلال لم يقتصر على الأرض والموارد والسلطة فحسب بل أشتمل حتى الأحزاب لاسيما جنوبية الأصل والمنشأ. لذا نجد أن من قام بصناعة الوحدة وسلم مقابل ذلك دولة كاملة بات انفصالياً، ومن اختزل اليمن في قرية بات وحدوياً بالمزايدة الفقاعية. هذه المفارقة الغير منطقية والغير عادلة وهذا التوجه العصبوي والمناطقي في جوهرانية الاحزاب السياسية  ذات العناوين الشعبية الديكورية، المفرغة من المبنى والمعنى، والمستندة على شعبيتها المزيفة بالمتاجرة بتاريخ وبطولات  الشهداء الذين ضحوا بحياتهم من اجل مجد الوطن هي في واقع الأمر سرقة وقرصنة وإغتصاب واضح لتراث الشهداء الأبرار الذين لا يمتوا بأي بصله لا من قريب ولا من بعيد بهذه الاحزاب التي باتت تقتات على فتات وتفتيت الوطن.

ما الفرق بين عصابات عيال الأحمر والزنداني  وعلي محسن والقاعدة وحزب التكفيريين "الإصلاح" والى آخره وبين أحزاب كالإشتراكي والناصري التي لا لها شُغل ولا مشغلة  سوى تشكيل واجهات سياسية لهذه العصابات. وما (اللقاء المشترِك) الا تعبيراً واقعياً عن هذه الحالة المرضية التي ابتلى بها اليمن. ولذلك لم يقتصر العمل العصبوي على عيال الشيخ لوحدهم بل انسحب الى بقية الأحزاب التي تشكلت بروحية عصبوية ومناطقية لتأدية الدور المشترك المكمل لقوننة نهب وسرقة المال العام والسلطة ولهذا اصبح التحزب مبنياً على فكر استئثاري وفيدي وغنائمي وليس على أساس وطني ولذا نرى ان عضوية الحزب باتت مختزلة في الإنتمأ للعصابة المعتمدة على التحالف المناطقي وليس الوطني الشامل. 

ولطالما تغنى الناصري في حقبة الرئيس صالح بأن رفاة الشهداء الناصريين، الذين لا يمتون لهم بصلة، مدفونة في مقر الفرقة الاولى مدرع، إلا أننا لم نسمع من احدهم اليوم (مشولحين ومشولحات) يقولون شيئا عن حملة تحرير مقر الفرقة المنحلة الذي كان من المتوقع منهم أن يكونوا أول الصفوف المطالبة برحيل الجنرال وأتباعه والمطالبة بإجراء تفتيش جنائي شامل في الأرض المحتلة من قبل الفرقة. هل يعود هذا التقاعس للقول أن افضال علي محسن الأحمر قد شملتهم بكرم زائد مثلما شملت الكثيرين غيرهم كما قال احدهم؟ ام ان المطالبات السابقة كانت عبارة عن مزايدة محضة ومماحكة سياسية ضد شخص الرئيس السابق علي عبدالله صالح وحسب وعندما ذهب ذهبت، حيث لم يرتفع أي صوت بعد ذلك ضد من أغتصب الثورة إن جاز التعبير؟!؟ 

إن هذه التوجهات الفئوية العصبوية لعصابة تدّعي العمل الحزبي والسياسي لا تسيئ لليمن وحسب بل أنها تضُر وتؤثر على شريحة واسعة جداً من اليمنيين وهم أبناء محافظة تعز نفسها الذين يمثلون الواجهة الثقافية والسياسية والإقتصادية والتجارية لليمن ومدينة تعز مركز الإشعاع الثقافي والمدني في اليمن، أبناء تعز الاحرار والأقحاح المناضلين وأصحاب الأقلام الرصينة والشجاعة. لمجرد أن بينهم جماعة دخلت معمعان السياسة من الباب الخلفي ونصبت نفسها واجهة بذيئة ومبتدلة ومنافحة ومدافعة عن غيرها من المتطرفين والإرهابيين المتأسلمين وشذاذ الآفاق الذين نسمع دوي سقوطهم يومياً ليس على مستوى اليمن فحسب الذي سقطت فيه إحدى آخر قلاعهم العتيدة وهي محافظة عمران ومدينتها عمران، بل على مستوى الوطن العربي والإسلامي كله.

إذن فإن مصيبة اليمن ليست فقط مرتكزة على من يسيطرون على مقاليد السلطة من المتنفذين على إختلاف مشاربهم، بل مصيبة اليمن الأساسية هي في وجود بعض النخب الإنتهازية والوصولية التي تفتقر للحس الوطني وتحاول أن تتموضع في بوابات وواجهات المتنفذين لتؤمن حصتها من الفتات الناتج عن سياسية التقاسم والمحاصصة الجارية بين القوى التدميرية في البلاد.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

المزيد في هذا القسم:

  • عمران لا ينقصها " توجيه معنوي "   ما حدث في عمران الاسبوع المنصرم كان مواجهات وحرب شرسة ذهب ضحيتها العشرات من ابناء الوطن بين قتيل وجريح وخلفت دمارا ليس بالهين في اماكن مختلفة من المحافظة... كتبــوا
  • عن الحراك الشعبي العربي الجديد ! المرصاد نت يفاجئ الحراك الشعبي العربي الجديد المراقب البعيد، ولكنه يؤكد للمراقب عن قرب أن استمرار الاستبداد والفساد والتخلف الاقتصادي والسياسي يولد ما وصلت إل... كتبــوا
  • حجر في سد ليل   العقل السليم وكل سوي نفسيا وأجتماعيا لا يقبل على نفسه أو بلده أن توضع تحت الاحتلال الأجنبي أو الوصاية الخارجية بصرف النظر عن الشكل الذي تتلبسه قديما أو ... كتبــوا
  • البركان اليمني القادم لم تتبقى اي أسرة يمنية إلا ولها أقرباء وأصدقاء أعزاء أستشهدوا في هذا العدوان السلولي الآثم او ماقبله من إنفجارات او إغتيالات غادرة. لذا أصبحت على يقين بأن تعاظم... كتبــوا